Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿عَلَمَّهُ البَيانَ﴾ خَبَرٌ ثالِثٌ تَضَمَّنَ الاِعْتِبارَ بِنِعْمَةِ الإبانَةِ عَنِ المُرادِ والاِمْتِنانِ بِها بَعْدَ الاِمْتِنانِ بِنِعْمَةِ الإيجادِ، أيْ: عَلَّمَ جِنْسَ الإنْسانِ أنْ يُبَيِّنَ عَمّا في نَفْسِهِ لِيُفِيدَهْ غَيْرُهُ ويَسْتَفِيدُ هو.
والبَيانُ: الإعْرابُ عَمّا في الضَّمِيرِ مِنَ المَقاصِدِ والأغْراضِ وهو النُّطْقُ وبِهِ تَمَيُّزُ الإنْسانِ عَنْ بَقِيَّةِ أنْواعِ الحَيَوانِ فَهو مَن أعْظَمِ النِّعَمِ.
وأمّا البَيانُ مِن غَيْرِ النُّطْقِ مِن إشارَةٍ وإيماءٍ ولَمْحِ النَّظَرِ فَهو أيْضًا مِن مُمَيِّزاتِ الإنْسانِ وإنْ كانَ دُونَ بَيانِ النُّطْقِ.
ومَعْنى تَعْلِيمِ اللَّهِ الإنْسانَ البَيانَ: أنَّهُ خَلَقَ فِيهِ الاِسْتِعْدادَ لِعِلْمِ ذَلِكَ وألْهَمَهُ وضْعَ اللُّغَةِ لِلتَّعارُفِ، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿وعَلَّمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلَّها﴾ [البقرة: ٣١] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
وفِي الإشارَةِ إلى أنَّ نِعْمَةَ البَيانِ أجَلُّ النِّعَمِ عَلى الإنْسانِ، فَعَدَّ نِعْمَةَ التَّكالِيفِ الدِّينِيَّةِ وفِيهِ تَنْوِيهٌ بِالعُلُومِ الزّائِدَةِ في بَيانِ الإنْسانِ وهي خَصائِصُ اللُّغَةِ وآدابِها.
ومَجِيءُ المُسْنَدِ فِعْلًا بَعْدَ المُسْنَدِ إلَيْهِ لِإفادَةِ تَقَوِّي الحُكْمِ.
وفِيهِ مِنَ التَّبْكِيتِ ما عَلِمْتَهُ آنِفًا، ووَجْهُهُ أنَّهم لَمْ يَشْكُرُوهُ عَلى نِعْمَةِ البَيانِ إذْ
صفحة ٢٣٤
صَرَفُوا جُزْءًا كَبِيرًا مِن بَيانِهِمْ فِيما يُلْهِيهِمْ عَنْ إفْرادِ اللَّهِ بِالعِبادَةِ وفِيما يُنازِعُونَ بِهِ مَن يَدْعُوهم إلى الهُدى.