﴿هَذا نُزُلُهم يَوْمَ الدِّينِ﴾ .

اعْتِراضٌ بَيْنَ جُمَلِ الخِطابِ مُوَجَّهٌ إلى السّامِعِينَ غَيْرَهم فَلَيْسَ في ضَمِيرِ الغَيْبَةِ التِفاتٌ.

والإشارَةُ بِقَوْلِهِ هَذا إلى ما ذُكِرَ مِن أكْلِ الزَّقُّومِ وشُرْبِ الهِيمِ.

والنُّزُلُ بِضَمِّ النُّونِ وضَمِّ الزّايِ وسُكُونِها: ما يُقَدَّمُ لِلضَّيْفِ مِن طَعامٍ. وهو هُنا تَشْبِيهٌ تَهَكُّمِيٌّ كالاِسْتِعارَةِ التَّهَكُّمِيَّةِ في قَوْلِ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:

نَزَلْتُمْ مَنزِلَ الأضْيافِ مِنّا فَعَجَّلْنا القِرى أنْ تَشْتُمُونا ∗∗∗ قَرَيْناكم فَعَجَّلْنا قِراكُمْقُبَيْلَ الصُّبْحِ مِرْداةً طَحُونا

وقَوْلُ أبِي الشَّعْرِ الضَّبِّيِّ، واسْمُهُ مُوسى بْنُ سُحَيْمٍ:

    وكُنّا إذا الجَبّارُ بِالجَيْشِ ضافَناجَعَلْنا القَنا والمُرْهَفاتِ لَهُ نُزْلا

صفحة ٣١٢

و (يَوْمَ الدِّينِ): يَوْمَ الجَزاءِ، أيْ هَذا جَزاؤُهم عَلى أعْمالِهِمْ نَظِيرَ قَوْلِهِ آنِفًا جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ. وجَعَلَ يَوْمَ الدِّينِ وقْتًا لِنُزُلِهِمْ مُؤْذِنٌ بِأنَّ ذَلِكَ الَّذِي عُبِّرَ عَنْهُ بِالنُّزُلِ جَزاءً عَلى أعْمالِهِمْ. وهَذا تَجْرِيدٌ لِلتَّشْبِيهِ التَّهَكُّمِيِّ وهو قَرِينَةٌ عَلى التَّهَكُّمِ كَقَوْلِ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ: مِرْداةً طَحُونا.