Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿أفَرَأيْتُمُ الماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ﴾ ﴿أأنْتُمْ أنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ أمْ نَحْنُ المُنْزِلُونَ﴾ .
هَذا عَلى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ ﴿أفَرَأيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ﴾ [الواقعة: ٦٣] الآيَةَ، تَفْرِيعًا واسْتِفْهامًا وفِعْلَ رُؤْيَةٍ.
ومُناسَبَةُ الِانْتِقالِ أنَّ الحَرْثَ إنَّما يَنْبُتُ زَرْعُهُ وشَجَرُهُ بالماءِ فانْتَقَلَ مِنَ الِاسْتِدْلالِ لِتَكْوِينِ النَّباتِ إلى الِاسْتِدْلالِ بِتَكْوِينِ الماءِ الَّذِي بِهِ حَياةُ الزَّرْعِ والشَّجَرِ. ووَصْفُ الماءِ بِـ ﴿الَّذِي تَشْرَبُونَ﴾ إدْماجٌ لِلْمِنَّةِ في الِاسْتِدْلالِ، أيِ: الماءُ العَذْبُ الَّذِي تَشْرَبُونَهُ، فَإنَّ شُرْبَ الماءِ مِن أعْظَمِ النِّعَمِ عَلى الإنْسانِ لِيُقابَلَ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ ﴿لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٠] .
والمُرادُ ماءُ المَطَرِ ولِذَلِكَ قالَ ﴿أأنْتُمْ أنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ﴾، والمُرادُ: أنْزَلْتُمُوهُ
صفحة ٣٢٤
عَلى بِلادِكم وحُرُوثِكم. وماءُ المَطَرِ هو مُعْظَمُ شَرابِ العَرَبِ المُخاطَبِينَ حِينَئِذٍ ولِذَلِكَ يُقالُ لِلْعَرَبِ: بَنُو ماءِ السَّماءِ.والمُزْنُ: جَمْعُ اسْمِ مُزْنَةٍ وهي السَّحابَةُ.
ووَجْهُ الِاسْتِدْلالِ إنْشاءُ ما بِهِ الحَياةُ بَعْدَ أنْ كانَ مَعْدُومًا بِأنْ كَوَّنَهُ اللَّهُ تَعالى في السَّحابِ بِحِكْمَةِ تَكْوِينِ الماءِ. فَكَما اسْتَدَلَّ بِإيجادِ الحَيِّ مِن أجْزاءَ مَيِّتَةٍ في خَلْقِ الإنْسانِ والنَّباتِ اسْتُدِلَّ بِإيجادِ ما بِهِ الحَياةُ عَنْ عَدَمٍ تَقْرِيبًا لِإعادِةِ الأجْسامِ بِحِكْمَةٍ دَقِيقَةٍ خَفِيَّةٍ، أيْ يَجُوزُ أنْ يُمْطِرَ اللَّهُ مَطَرًا عَلى ذَواتِ الأجْسادِ الإنْسانِيَّةِ يَكُونُ سَبَبًا في تَخَلُّقِها أجْسادًا كامِلَةً كَما كانَتْ أُصُولُها، كَما تَتَكَوَّنُ الشَّجَرَةُ مِن نَواةِ أصْلِها، وقَدْ تَمَّ الِاسْتِدْلالُ عَلى البَعْثِ عِنْدَ قَوْلِهِ ﴿أمْ نَحْنُ المُنْزِلُونَ﴾ .
وقَوْلُهُ ﴿أأنْتُمْ أنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ﴾ جُعِلَ اسْتِدْلالًا مَنُوطًا بِإنْزالِ الماءِ مِنَ المُزْنِ عَلى طَرِيقَةِ الكِتابَةِ بِإنْزالِهِ، عَنْ تَكْوِينِهِ صالِحًا لِلشُّرْبِ، لِأنَّ إنْزالَهُ هو الَّذِي يَحْصُلُ مِنهُ الِانْتِفاعُ بِهِ ولِذَلِكَ وُصِفَ بِقَوْلِهِ ﴿الَّذِي تَشْرَبُونَ﴾ . وأعْقَبَ بِقَوْلِهِ ﴿لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجًا﴾ [الواقعة: ٧٠] فَحَصَلَ بَيْنَ الجُمْلَتَيْنِ احْتِباكٌ كَأنَّهُ قِيلَ: أأنْتُمْ خَلَقْتُمُوهُ عَذْبًا صالِحًا لِلشُّرْبِ وأنْزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجًا ولَأمْسَكْناهُ في سَحابَتِهِ أوْ أنْزَلْناهُ عَلى البِحارِ أوِ الخَلاءِ فَلَمْ تَنْتَفِعُوا بِهِ.