Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿هو الَّذِي أخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ مِن دِيارِهِمْ لِأوَّلِ الحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أنْ يَخْرُجُوا﴾ .
يَجُوزُ أنْ تُجْعَلَ جُمْلَةُ ﴿هُوَ الَّذِي أخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ إلى آخِرِها اسْتِئْنافًا ابْتِدائِيًّا لِقَصْدِ إجْراءِ هَذا التَّمْجِيدِ عَلى اسْمِ الجَلالَةِ لِما يَتَضَمَّنُهُ مِن باهِرِ تَقْدِيرِهِ، ولِما يُؤْذِنُ بِهِ ذَلِكَ مِنَ التَّعْرِيضِ بِوُجُوبِ شُكْرِهِ عَلى ذَلِكَ الإخْراجِ العَجِيبِ.
ويَجُوزُ أنْ تُجْعَلَ عِلَّةً لِما تَضَمَّنَهُ الخَبَرُ عَنْ تَسْبِيحِ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ مِنَ التَّذْكِيرِ لِلْمُؤْمِنِينَ والتَّعْرِيضِ بِأهْلِ الكِتابِ والمُنافِقِينَ الَّذِينَ هم فَرِيقانِ مِمّا في الأرْضِ فَإنَّ القِصَّةَ الَّتِي تَضَمَّنَتْها فاتِحَةُ السُّورَةِ مِن أهَمِّ أحْوالِهِما.
ويَجُوزُ أنْ تُجْعَلَ مُبِيِّنَةً لِجُمْلَةِ وهو العَزِيزُ الحَكِيمُ لِأنَّ هَذا التَّسْخِيرَ العَظِيمَ مِن آثارِ عِزِّهِ وحِكْمَتِهِ.
وعَلى كُلِّ الوُجُوهِ فَهو تَذْكِيرٌ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلى المُسْلِمِينَ وإيماءٌ إلى أنْ يَشْكُرُوا اللَّهَ عَلى ذَلِكَ وتَمْهِيدٌ لِلْمَقْصُودِ مِنَ السُّورَةِ وهو قِسْمَةُ أمْوالِ بَنِي النَّضِيرِ.
وتَعْرِيفُ جُزْأيِ الجُمْلَةِ بِالضَّمِيرِ والمَوْصُولِ يُفِيدُ قَصْرَ صِفَةِ إخْراجِ الَّذِينَ كَفَرُوا
صفحة ٦٦
مِن دِيارِهِمْ عَلَيْهِ تَعالى وهو قَصْرٌ ادِّعائِيٌّ لِعَدَمِ الِاعْتِدادِ بِسَعْيِ المُؤْمِنِينَ في ذَلِكَ الإخْراجِ ومُعالَجَتِهِمْ بَعْضَ أسْبابِهِ كَتَخْرِيبِ دِيارِ بَنِي النَّضِيرِ.ولِذَلِكَ فَجُمْلَةُ ﴿ما ظَنَنْتُمْ أنْ يَخْرُجُوا﴾ تَتَنَزَّلُ مَنزِلَةَ التَّعْلِيلِ لِجُمْلَةِ القَصْرِ.
وجُمْلَةُ ﴿وظَنُّوا أنَّهم مانِعَتُهم حُصُونُهُمْ﴾ عَطْفٌ عَلى العِلَّةِ، أيْ وهم ظَنُّوا أهْلَ المُسْلِمِينَ لا يَغْلِبُونَهم. وإنَّما لَمْ يَقُلْ: وظَنُّوا أنْ لا يُخْرَجُوا. مَعَ أنَّ الكَلامَ عَلى خُرُوجِهِمْ مِن قَوْلِهِ تَعالى ﴿هُوَ الَّذِي أخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فَعَدَلَ عَنْهُ إلى ﴿وظَنُّوا أنَّهم مانِعَتُهم حُصُونُهُمْ﴾ أيْ مانِعَتُهم مِن إخْراجِهِمِ اسْتِغْناءً عَنْ ذِكْرِ المَظْنُونِ بِذِكْرِ عِلَّةِ الظَّنِّ. والتَّقْدِيرُ: وظَنُّوا أنْ لا يَخْرُجُوا لِأنَّهم تَمْنَعُهم حُصُونُهم، أيْ ظَنُّوا ظَنًّا قَوِيًّا مُعْتَمِدِينَ عَلى حُصُونِهِمْ.
والمُرادُ بِـ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ بَنُو النَّضِيرِ (بِوَزْنِ أمِيرٍ) وهم قَبِيلَةٌ مِنَ اليَهُودِ اسْتَوْطَنُوا بِلادَ العَرَبِ هم وبَنُو عَمِّهِمْ قُرَيْظَةُ، ويَهُودُ خَيْبَرَ، وكُلُّهم مِن ذُرِّيَّةِ هارُونَ عَلَيْهِ السَّلامُ وكانَ يُقالُ لِبَنِي النَّضِيرِ وبَنِي قُرَيْظَةَ: الكاهِنانِ لِأنَّ كُلَّ فَرِيقٍ مِنهُما مِن ذُرِّيَّةِ هارُونَ وهو كاهِنُ المِلَّةِ الإسْرائِيلِيَّةِ. والكِهانَةُ: حَفِظُ أُمُورِ الدِّيانَةِ بِيَدِهِ ويَدِ أعْقابِهِ.
وقِصَّةُ اسْتِيطانِهِمْ بِلادَ العَرَبِ أنَّ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ أرْسَلَ طائِفَةً مِن أسْلافِهِمْ لِقِتالِ العَمالِيقِ المُجاوِرِينَ لِلشّامِ وأرْضِ العَرَبِ فَقَصَّرُوا في قِتالِهِمْ وتُوُفِّيَ مُوسى قَرِيبًا مِن ذَلِكَ. فَلَمّا عَلِمُوا بِوَفاةِ مُوسى رَجَعُوا عَلى أعْقابِهِمْ إلى دِيارِ إسْرائِيلَ في أرِيحا فَقالَ لَهم قَوْمُهم: أنْتُمْ عَصَيْتُمْ أمْرَ مُوسى فَلا تَدْخُلُوا بِلادَنا، فَخَرَجُوا إلى جَزِيرَةِ العَرَبِ وأقامُوا لِأنْفُسِهِمْ قُرًى حَوْلَ يَثْرِبَ (المَدِينَةِ) وبَنَوْا لِأنْفُسِهِمْ حُصُونًا وقَرْيَةً سَمَّوْها الزُّهْرَةَ. وكانَتْ حُصُونُهم خَمْسَةً سَيَأْتِي ذِكْرُ أسْمائِها في آخِرِ تَفْسِيرِ الآيَةِ، وصارُوا أهْلَ زَرْعٍ وأمْوالٍ. وكانَ فِيهِمْ أهْلُ الثَّراءِ مِثْلُ السَّمَوْألِ بْنِ عادِيا، وكَعْبِ بْنِ الأشْرَفِ، وابْنِ أبِي الحُقَيْقِ، وكانَ بَيْنَهم وبَيْنَ الأوْسِ والخَزْرَجِ حِلْفٌ ومُعامَلَةٌ، فَكانَ مِن بُطُونِ أُولَئِكَ اليَهُودِ بَنُو النَّضِيرِ وقُرَيْظَةُ وخَيْبَرُ.
ووُسِمُوا بِـ الَّذِينَ كَفَرُوا لِأنَّهم كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ ﷺ تَسْجِيلًا عَلَيْهِمْ بِهَذا الوَصْفِ الذَّمِيمِ وقَدْ وُصِفُوا بِـ الَّذِينَ كَفَرُوا في قَوْلِهِ تَعالى ﴿ولَمّا جاءَهم كِتابٌ مِن عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهم وكانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمّا جاءَهم ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلى الكافِرِينَ﴾ [البقرة: ٨٩]
صفحة ٦٧
إلى قَوْلِهِ عَذابٌ مُهِينٌ في سُورَةِ البَقَرَةِ.وعَلَيْهِ فَحَرْفُ مِن في قَوْلِهِ مِن أهْلِ الكِتابِ بَيانِيَّةٌ لِأنَّ المُرادَ بِأهْلِ الكِتابِ هُنا خُصُوصُ اليَهُودِ أيِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرِسالَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ وهم أهْلُ الكِتابِ وأرادَ بِهِمُ اليَهُودَ، فَوُصِفُوا بِـ مِن أهْلِ الكِتابِ لِئَلا يُظَنَّ أنَّ المُرادَ بِـ الَّذِينَ كَفَرُوا المُشْرِكُونَ بِمَكَّةَ أوْ بَقِيَّةُ المُشْرِكِينَ بِالمَدِينَةِ فَيُظَنُّ أنَّ الكَلامَ وعِيدٌ.
وتَفْصِيلُ القِصَّةِ الَّتِي أشارَتْ إلَيْها الآيَةُ عَلى ما ذَكَرَ جُمْهُورُ أهْلِ التَّفْسِيرِ. أنَّ بَنِي النَّضِيرِ لَمّا هاجَرَ المُسْلِمُونَ إلى المَدِينَةِ جاءُوا فَصالَحُوا النَّبِيءَ ﷺ عَلى أنْ لا يَكُونُوا عَلَيْهِ ولا لَهُ، ويُقالُ: إنَّ مُصالَحَتَهم كانَتْ عَقِبَ وقْعَةِ بَدْرٍ لَمّا غَلَبَ المُسْلِمُونَ المُشْرِكِينَ لِأنَّهم تَوَسَّمُوا أنْ لا تُهْزَمَ لَهم رايَةٌ، فَلَمّا غُلِبَ المُسْلِمُونَ يَوْمَ أُحُدٍ نَكَثُوا عَهْدَهم ورامُوا مُصالَحَةَ المُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، إذْ كانُوا قَدْ قَعَدُوا عَنْ نُصْرَتِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ كَدَأْبِ اليَهُودِ في مُوالاةِ القَوِيِّ فَخَرَجَ كَعْبُ بْنُ الأشْرَفِ وهو سَيِّدُ بَنِي النَّضِيرِ في أرْبَعِينَ راكِبًا فَحالَفُوا المُشْرِكِينَ عِنْدَ الكَعْبَةِ عَلى أنْ يَكُونُوا عَوْنًا لَهم عَلى مُقاتَلَةِ المُسْلِمِينَ، فَلَمّا أُوحِيَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِذَلِكَ أمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ أنْ يَقْتُلَ كَعْبَ بْنَ الأشْرَفِ فَقَتَلَهُ غِيلَةً في حِصْنِهِ في قِصَّةٍ مَذْكُورَةٍ في كُتُبِ السُّنَّةِ والسِّيَرِ.
وذَكَرَ ابْنُ إسْحاقَ سَبَبًا آخَرَ وهو أنَّهُ لَمّا انْقَضَتْ وقْعَةُ بِئْرِ مَعُونَةَ في صَفَرٍ سَنَةَ أرْبَعٍ كانَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ أسِيرًا عِنْدَ المُشْرِكِينَ فَأطْلَقُهُ عامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ. فَلَمّا كانَ راجِعًا إلى المَدِينَةِ أقْبَلَ رَجُلانِ مِن بَنِي عامِرٍ وكانَ لِقَوْمِهِما عَقْدٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ونَزَلا مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، فَلَمّا ناما عَدا عَلَيْهِما فَقَتَلَهُما وهو يَحْسَبُ أنَّهُ يَثْأرُ بِهِما مِن بَنِي عامِرٍ الَّذِينَ قَتَلُوا أصْحابَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِبِئْرِ مَعُونَةَ، ولَمّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ أخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِما فَعَلَ فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَقَدْ قَتَلْتَ قَتِيلَيْنِ ولَآدِيَنَّهُما، وخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إلى بَنِي النَّضِيرِ يَسْتَعِينُهم في دِيَةِ ذَيْنِكَ القَتِيلَيْنِ إذْ كانَ بَيْنَ بَنِي النَّضِيرِ وبَيْنَ بَنِي عامِرٍ حِلْفٌ، وأضْمَرَ بَنُو النَّضِيرِ الغَدْرَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وأطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ المُسْلِمِينَ بِالتَّهَيُّؤِ لِحَرْبِهِمْ.
صفحة ٦٨
ثُمَّ أمَرَ النَّبِيءُ ﷺ المُسْلِمِينَ بِالسَّيْرِ إلَيْهِمْ في رَبِيعٍ الأوَّلِ في سَنَةِ أرْبَعٍ مِنَ الهِجْرَةِ فَسارَ إلَيْهِمْ هو والمُسْلِمُونَ وأمَرَهم بِأنْ يَخْرُجُوا مِن قَرْيَتِهِمْ فامْتَنَعُوا وتَنادَوْا إلى الحَرْبِ ودَسَّ إلَيْهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ أنْ لا يَخْرُجُوا مِن قَرْيَتِهِمْ وقالَ: إنْ قاتَلَكُمُ المُسْلِمُونَ فَنَحْنُ مَعَكم ولَنَنْصُرَنَّكم وإنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكم فَدَرَّبُوا عَلى الأزِقَّةِ - أيْ سَدُّوا مَنافِذَ بَعْضِها لِبَعْضٍ لِيَكُونَ كُلُّ دَرْبٍ مِنها صالِحًا لِلْمُدافَعَةِ - وحَصَّنُوها، ووَعَدَهم أنَّ مَعَهُ ألْفَيْنِ مِن قَوْمِهِ وغَيْرِهِمْ، وأنَّ مَعَهم قُرَيْظَةَ وحُلَفاءَهم مِن غَطَفانَ مِنَ العَرَبِ فَحاصَرَهُمُ النَّبِيءُ ﷺ وانْتَظَرُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ وقُرَيْظَةَ وغَطَفانَ أنْ يَقْدَمُوا إلَيْهِمْ لِيَرُدُّوا عَنْهم جَيْشَ المُسْلِمِينَ فَلَمّا رَأوْا أنَّهم لَمْ يُنْجِدُوهم قَذَفَ اللَّهُ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَطَلَبُوا مِنَ النَّبِيءِ ﷺ الصُّلْحَ فَأبى إلّا الجَلاءَ عَنْ دِيارِهِمْ وتَشارَطُوا عَلى أنْ يَخْرُجُوا ويَحْمِلَ كُلُّ ثَلاثَةِ أبْياتٍ مِنهم حِمْلَ بَعِيرٍ مِمّا شاءُوا مِن مَتاعِهِمْ، فَجَعَلُوا يُخْرِبُونَ بُيُوتَهم لِيَحْمِلُوا مَعَهم ما يَنْتَفِعُونَ بِهِ مِنَ الخَشَبِ والأبْوابِ.فَخَرَجُوا فَمِنهم مَن لَحِقَ بِخَيْبَرَ، وقَلِيلٌ مِنهم لَحِقُوا بِبِلادِ الشّامِ في مُدُنِ أرِيحا وأذْرِعاتٍ مِن أرْضِ الشّامِ وخَرَجَ قَلِيلٌ مِنهم إلى الحِيرَةِ.
واللّامُ في قَوْلِهِ لِأوَّلِ الحَشْرِ لامُ التَّوْقِيتِ وهي الَّتِي تَدْخُلُ عَلى أوَّلِ الزَّمانِ المَجْعُولِ ظَرْفًا لِعَمَلٍ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعالى ﴿يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي﴾ [الفجر: ٢٤] أيْ مِن وقْتِ حَياتِي. وقَوْلُهم: كَتَبَ لِيَوْمِ كَذا. وهي بِمَعْنى عِنْدَ. فالمَعْنى أنَّهُ أخْرَجَهم عِنْدَ مَبْدَأِ الحَشْرِ المُقَدَّرِ لَهم، وهَذا إيماءٌ إلى أنَّ اللَّهَ قَدَّرَ أنْ يَخْرُجُوا مِن جَمِيعِ دِيارِهِمْ في بِلادِ العَرَبِ. وهَذا التَّقْدِيرُ أمَرَ بِهِ النَّبِيءُ ﷺ كَما سَيَأْتِي. فالتَّعْرِيفُ في الحَشْرِ تَعْرِيفُ العَهْدِ.
والحَشْرُ: جَمْعُ ناسٍ في مَكانٍ قالَ تَعالى ﴿وابْعَثْ في المَدائِنِ حاشِرِينَ يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحّارٍ عَلِيمٍ﴾ [الشعراء: ٣٦] .
والمُرادُ بِهِ هُنا: حَشْرُ يَهُودِ جَزِيرَةِ العَرَبِ إلى أرْضٍ غَيْرِها، أيْ جَمْعُهم لِلْخُرُوجِ، وهو بِهَذا المَعْنى يُرادِفُ الجَلاءَ إذا كانَ الجَلاءُ لِجَماعَةٍ عَظِيمَةٍ تُجْمَعُ مِن مُتَفَرِّقِ دِيارِ البِلادِ.
صفحة ٦٩
ولَيْسَ المُرادُ بِهِ: حَشْرَ يَوْمِ القِيامَةِ إذْ لا مُناسِبَةَ لَهُ هُنا ولا يُلائِمُ ذِكْرَ لَفْظِ أوَّلِ لِأنَّ أوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ إنَّما يَكُونُ مُتَّحِدَ النَّوْعِ مَعَ ما أُضِيفَ هو إلَيْهِ.وعَنِ الحَسَنِ: أنَّهُ حَمَلَ الآيَةَ عَلى حَشْرِ القِيامَةِ ورَكَّبُوا عَلى ذَلِكَ أوْهامًا في أنَّ حَشْرَ القِيامَةِ يَكُونُ بِأرْضِ الشّامِ وقَدْ سَبَقَ أنَّ ابْنَ عَبّاسٍ احْتَرَزَ مِن هَذا حِينَ سَمّى هَذِهِ السُّورَةَ سُورَةُ بَنِي النَّضِيرِ وفي جَعْلِ هَذا الإخْراجِ وقْتًا لِأوَّلِ الحَشْرِ إيذانٌ بِأنَّ حَشْرَهم يَتَعاقَبُ حَتّى يَكْمُلَ إخْراجُ جَمِيعِ اليَهُودِ وذَلِكَ ما أوْصى بِهِ النَّبِيءُ ﷺ قُبَيْلَ وفاتِهِ إذْ قالَ «لا يَبْقى دِينانِ في جَزِيرَةِ العَرَبِ» . وقَدْ أنْفَذَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ حِينَ أجْلى اليَهُودَ مِن جَمِيعِ بِلادِ العَرَبِ.
وقِيلَ: وُصِفَ الحَشْرُ بِالأوَّلِ لِأنَّهُ أوَّلَ جَلاءٍ أصابَ بَنِي النَّضِيرِ، فَإنَّ اليَهُودَ أُجْلُوا مِن فِلَسْطِينَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً في زَمَنِ ٢ بُخْتَنَصَّرَ ومَرَّةً في زَمَنِ طَيْطَسَ سُلْطانِ الرُّومِ وسَلِمَ بَنُو النَّضِيرِ ومَن مَعَهم مِنَ الجَلاءِ لِأنَّهم كانُوا في بِلادِ العَرَبِ. فَكانَ أوَّلَ جَلاءٍ أصابَهم جَلاءُ بَنِي النَّضِيرِ.
* * *
﴿وظَنُّوا أنَّهم مانِعَتُهم حُصُونُهم مِنَ اللَّهِ﴾ .أيْ كانَ ظَنُّ المُسْلِمِينَ وظَنُّ أهْلِ الكِتابِ مُتَوارَدَيْنِ عَلى تَعَذُّرِ إخْراجِ بَنِي النَّضِيرِ مِن قَرْيَتِهِمْ بِسَبَبِ حَصانَةِ حُصُونِهِمْ.
وكانَ اليَهُودُ يَتَّخِذُونَ حُصُونًا يَأْوُونَ إلَيْها عِنْدَما يَغْزُوهُمُ العَدُوُّ مِثْلَ حُصُونِ خَيْبَرَ.
وكانَتْ لِبَنِي النَّضِيرِ سِتَّةُ حُصُونٍ أسْماؤُها: الكُتَيْبَةُ - بِضَمِّ الكافِ وفَتْحِ المُثَنّاةِ الفَوْقِيَّةِ - . والوَطِيحُ - بِفَتْحِ الواوِ وكَسْرِ الطّاءِ - . والسُّلالِمُ - بِضَمِّ السِّينِ - والنَّطاةُ - بِفَتْحِ النُّونِ وفَتْحِ الطّاءِ بَعْدَها ألْفٌ وبِها تَأْنِيثُ آخِرِهِ - . والوَخْدَةُ - بِفَتْحِ الواوِ وسُكُونِ الخاءِ المُعْجَمَةِ ودالٍ مُهْمَلَةٍ - . وشَقُّ - بِفَتْحِ الشِّينِ المُعْجَمَةِ وتَشْدِيدِ القافِ - .
ونَظَمَ جُمْلَةَ ﴿وظَنُّوا أنَّهم مانِعَتُهم حُصُونُهُمْ﴾ عَلى هَذا النَّظْمِ دُونَ أنْ يُقالَ: وظَنُّوا أنَّ حُصُونَهم مانِعَتُهم لِيَكُونَ الِابْتِداءُ بِضَمِيرِهِمْ لِأنَّهُ سَيَعْقُبُهُ إسْنادُ (مانِعَتُهم) إلَيْهِ فَيَكُونُ الِابْتِداءُ بِضَمِيرِهِمْ مُشِيرًا إلى اغْتِرارِهِمْ بِأنْفُسِهِمْ أنَّهم في عِزَّةٍ ومَنَعَةٍ، وأنَّ مَنَعَةَ حُصُونِهِمْ هي مِن شُؤُونِ عِزَّتِهِمْ.
صفحة ٧٠
وفِي تَقْدِيمِ (مانِعَتُهم) وهو وصْفٌ عَلى (حُصُونِهِمْ) وهو اسْمٌ والِاسْمُ بِحَسَبِ الظّاهِرِ أوْلى بِأنْ يُجْعَلَ بِمَرْتَبَةِ المُبْتَدَأِ ويُجْعَلَ الوَصْفُ خَبَرًا عَنْهُ، فَعَدَلَ عَنْ ذَلِكَ إشارَةً إلى أهَمِّيَّةِ مَنَعَةِ الحُصُونِ عِنْدَ ظَنِّهِمْ فَهي بِمَحْلِّ التَّقْدِيمِ في اسْتِحْضارِ ظَنِّهِمْ، ولا عِبْرَةَ بِجَوازِ جَعْلِ حُصُونِهِمْ فاعِلًا بِاسْمِ الفاعِلِ وهو مانِعَتُهم بِناءٌ عَلى أنَّهُ مُعْتَمِدٌ عَلى مُسْنَدٍ إلَيْهِ لِأنَّ مَحامِلَ الكَلامِ البَلِيغِ تَجْرِي عَلى وُجُوهِ التَّصَرُّفِ في دَقائِقَ المَعانِي فَيَصِيرُ الجائِزُ مَرْجُوحًا. قالَ المَرْزُوقِيُّ في شَرْحِ بابِ النَّسَبِ قَوْلُ الشّاعِرِ وهو مَنسُوبٌ إلى ذِي الرُّمَّةِ في غَيْرِ دِيوانِ الحَماسَةِ:فَإنْ لَمْ يَكُنْ إلّا مُعَرَّجُ ساعَةٌ قَلِيلًا فَإنِّي نافِعٌ لِي قَلِيلُها
يَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَلِيلُها مُبْتَدَأٌ ونافِعٌ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ أيْ لِقَصْدِ الِاهْتِمامِ. والجُمْلَةُ في مَوْضِعِ خَبَرِ إنَّ والتَّقْدِيرُ: إنِّي قَلِيلُها نافِعٌ لِي.* * *
﴿فَأتاهُمُ اللَّهُ مِن حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وقَذَفَ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بِيُوتَهم بِأيْدِيهِمْ وأيْدِي المُؤْمِنِينَ فاعْتَبِرُوا يا أُولِي الأبْصارِ﴾ .تَفْرِيعٌ عَلى مَجْمُوعِ جُمْلَتَيْ ﴿ما ظَنَنْتُمْ أنْ يَخْرُجُوا وظَنُّوا أنَّهم مانِعَتُهم حُصُونُهم مِنَ اللَّهِ﴾ اللَّتَيْنِ هَما تَعْلِيلٌ لِلْقَصْرِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿هُوَ الَّذِي أخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن أهْلِ الكِتابِ﴾ .
وتَرْكِيبُ ﴿فَأتاهُمُ اللَّهُ مِن حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾ تَمْثِيلٌ، مُثِّلَ شَأْنُ اللَّهِ حِينَ يَسَّرَ أسْبابَ اسْتِسْلامِهِمْ بَعْدَ أنْ صَمَّمُوا عَلى الدِّفاعِ وكانُوا أهْلَ عِدَّةٍ وعُدَّةٍ ولَمْ يَطُلْ حِصارُهم بِحالِ مَن أخَذَ حَذَرَهُ مِن عَدُوِّهِ وأحْكَمَ حِراسَتَهُ مِن جِهاتِهِ فَأتاهُ عَدْوُهُ مِن جِهَةٍ لَمْ يَكُنْ قَدْ أقامَ حِراسَةً فِيها. وهَذا يُشْبِهُ التَّمْثِيلَ الَّذِي في قَوْلِهِ تَعالى ﴿والَّذِينَ كَفَرُوا أعْمالُهم كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتّى إذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ووَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ [النور: ٣٩] .
والِاحْتِسابُ: مُبالَغَةٌ في الحُسْبانِ، أيِ الظَّنِّ أيْ مِن مَكانٍ لَمْ يَظُنُّوهُ لِأنَّهم قَصَرُوا اسْتِعْدادَهم عَلى التَّحَصُّنِ والمَنَعَةِ ولَمْ يَعْلَمُوا أنَّ قُوَّةَ اللَّهِ فَوْقَ قُوَّتِهِمْ.
صفحة ٧١
والقَذْفُ: الرَّمْيُ بِاليَدِ بِقُوَّةٍ. واسْتُعِيرَ لِلْحُصُولِ عَلى العاجِلِ، أيْ حَصَلَ الرُّعْبُ في قُلُوبِهِمْ دَفْعَةً دُونَ سابِقِ تَأمُّلٍ ولا حُصُولِ سَبَبٍ لِلرُّعْبِ ولِذَلِكَ لَمْ يُؤْتَ بِفِعْلِ القَذْفِ في آيَةِ آلِ عِمْرانَ ﴿سَنُلْقِي في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ﴾ [آل عمران: ١٥١] .والمَعْنى: وجَعَلَ اللَّهُ الرُّعْبَ في قُلُوبِهِمْ فَأسْرَعُوا بِالِاسْتِسْلامِ. وقَذْفُ الرُّعْبِ في قُلُوبِهِمْ هُو مِن أحْوالِ إتْيانِ اللَّهِ إيّاهم مِن حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا فَتَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ لِلتَّعْجِيبِ مِن صُنْعِ اللَّهِ، وعَطْفُهُ عَلى أتاهُمُ اللَّهُ مِن حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا عَطْفُ خاصٍّ عَلى عامٍّ لِلِاهْتِمامِ.
والرُّعْبُ: شِدَّةُ الخَوْفِ والفَزَعِ. وهَذا مَعْنى قَوْلُ النَّبِيءِ ﷺ: «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ»، أيْ بِرُعْبِ أعْداءِ الدِّينِ.
وجُمْلَةُ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهم حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ المُضافِ إلَيْهِ (قُلُوبِهِمْ) لِأنَّ المُضافَ جُزْءٌ مِنَ المُضافِ إلَيْهِ فَلا يَمْنَعُ مَجِيءَ الحالِ مِنهُ.
والمَقْصُودُ التَّعْجِيبُ مِنَ اخْتِلالِ أُمُورِهِمْ فَإنَّهم وإنْ خَرَّبُوا بُيُوتَهم بِاخْتِيارِهِمْ لَكِنَّ داعِيَ التَّخْرِيبِ قَهْرِيٌّ.
والإخْرابُ والتَّخْرِيبُ: إسْقاطُ البِناءِ ونَقْضُهُ.
والخَرابُ: تَهَدُّمُ البِناءِ.
وقَرَأ الجُمْهُورُ يُخْرِبُونَ بِسِكُونِ الخاءِ وتَخْفِيفِ الرّاءِ المَكْسُورَةِ مُضارِعِ: أخْرَبَ. وقَرَأهُ أبُو عَمْرٍو وحْدَهُ بِفَتْحِ الخاءِ وتَشْدِيدِ الرّاءِ المَكْسُورَةِ مُضارِعِ: خَرَّبَ. وهَما بِمَعْنًى واحِدٍ. قالَ سِيبَوَيْهُ: إنَّ أفْعَلْتَ وفَعَّلْتَ يَتَعاقَبانِ نَحْوَ أخْرَبْتُهُ وخَرَّبْتُهُ، وأفْرَحَتُهُ وفَرَّحَتُهُ. يُرِيدُ في أصْلِ المَعْنى. وقَدْ تَقَدَّمَ ما ذُكِرَ مِنَ الفَرْقِ بَيْنَ: أنْزَلَ ونَزَّلَ في المُقَدِّمَةِ الأُولى مِن مُقَدِّماتِ هَذا التَّفْسِيرِ.
وأشارَتِ الآيَةُ إلى ما كانَ مِن تَخْرِيبِ بَنِي النَّضِيرِ بِيُوتَهم لِيَأْخُذُوا مِنها ما يَصْلُحُ مِن أخْشابٍ وأبْوابٍ مِمّا يَحْمِلُونَهُ مَعَهم لِيَبْنُوا بِهِ مَنازِلَهم في مَهاجِرِهِمْ، وما كانَ مِن تَخْرِيبِ المُؤْمِنِينَ بَقِيَّةُ تِلْكَ البُيُوتِ كُلَّما حَلُّوا بُقْعَةً تَرَكَها بَنُو النَّضِيرِ.
وقَوْلُهُ بِأيْدِيهِمْ هو تَخْرِيبُهُمُ البُيُوتَ بِأيْدِيهِمْ، حَقِيقَةٌ في الفِعْلِ وفي ما تَعَلَّقَ
صفحة ٧٢
بِهِ، وأمّا تَخْرِيبُهم بُيُوتَهم بِأيْدِي المُؤْمِنِينَ فَهو مَجازٌ عَقْلِيٌّ في إسْنادِ التَّخْرِيبِ الَّذِي خَرَّبَهُ المُؤْمِنُونَ إلى بَنِي النَّضِيرِ بِاعْتِبارِ أنَّهم سَبَّبُوا تَخْرِيبَ المُؤْمِنِينَ لِما تَرَكَهُ بَنُو النَّضِيرِ.فَعَطَفَ أيْدِي المُؤْمِنِينَ عَلى (بِأيْدِيهِمْ) بِحَيْثُ يَصِيرُ مُتَعَلِّقًا بِفِعْلِ (يُخْرِبُونَ) اسْتِعْمالٌ دَقِيقٌ لِأنَّ تَخْرِيبَ المُؤْمِنِينَ دِيارِ بَنِي النَّضِيرِ لَمّا وجَدُوها خاوِيَةً تَخْرِيبٌ حَقِيقِيٌّ يَتَعَلَّقُ المَجْرُورُ بِهِ حَقِيقَةً.
فالمَعْنى: ويُسَبِّبُونَ خَرابَ بُيُوتِهِمْ بِأيْدِي المُؤْمِنِينَ فَوَقَعَ إسْنادُ فِعْلِ (يُخْرِبُونَ) عَلى الحَقِيقَةِ ووَقَعَ تَعَلُّقُ وتَعْلِيقُ ”وأيْدِي المُؤْمِنِينَ“ بِهِ عَلى اعْتِبارِ المَجازِ العَقْلِيِّ، فالمَجازُ في التَّعْلِيقِ الثّانِي.
وأمّا مَعْنى التَّخْرِيبِ فَهو حَقِيقِيٌّ بِالنِّسْبَةِ لِكِلا لْمُتَعَلِّقَيْنِ فَإنَّ المَعْنى الحَقِيقِيَّ فِيهِما هو العِبْرَةُ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْها قَوْلُهُ تَعالى ﴿فاعْتَبِرُوا يا أُولِي الأبْصارِ﴾، أيِ اعْتَبَرُوا بِأنْ كانَ تَخْرِيبُ بُيُوتِهِمْ بِفِعْلِهِمْ وكانَتْ آلاتُ التَّخْرِيبِ مِن آلاتِهِمْ وآلاتِ عَدُوِّهِمْ.
والِاعْتِبارُ: النَّظَرُ في دَلالَةِ الأشْياءِ عَلى لَوازِمِها وعَواقِبِها وأسْبابِها. وهو افْتِعالٌ مِنَ العِبْرَةِ، وهي المَوْعِظَةُ. وقَوْلُ القامُوسِ: هي العَجَبُ قُصُورٌ.
وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿لَقَدْ كانَ في قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الألْبابِ﴾ [يوسف: ١١١] في سُورَةِ يُوسُفَ.
والخِطابُ في قَوْلِهِ يا أُولِي الأبْصارِ مُوَجَّهٌ إلى غَيْرِ مُعَيَّنٍ. ونُودِيَ أُولُوا الأبْصارِ بِهَذِهِ الصِّلَةِ لِيُشِيرَ إلى أنَّ العِبْرَةَ بِحالِ بَنِي النَّضِيرِ واضِحَةٌ مَكْشُوفَةٌ لِكُلِّ ذِي بَصَرٍ مِمَّنْ شاهَدَ ذَلِكَ، ولِكُلِّ ذِي بَصَرٍ يَرى مَواقِعِ دِيارِهِمْ بَعْدَهم، فَتَكُونُ لَهُ عِبْرَةً قُدْرَةُ اللَّهِ تَعالى عَلى إخْراجِهِمْ وتَسْلِيطِ المُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ مِن غَيْرِ قِتالٍ. وفي انْتِصارِ الحَقِّ عَلى الباطِلِ وانْتِصارِ أهْلِ اليَقِينِ عَلى المُذَبْذَبِينَ.
وقَدِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الآيَةِ بَعْضُ عُلَماءِ الأُصُولِ لِإثْباتِ حُجِّيَّةِ القِياسِ بِناءً عَلى أنَّهُ مِن الِاعْتِبارِ.