﴿سَبَّحَ لِلَّهِ ما في السَّماواتِ وما في الأرْضِ وهْوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ .

صفحة ١٧٤

مُناسَبَةُ هَذِهِ الفاتِحَةِ لِما بَعْدَها مِنَ السُّورَةِ بَيانُ أنَّ الكافِرِينَ مَحْقُوقُونَ بِأنْ تُقاتِلُوهم لِأنَّهم شَذُّوا عَنْ جَمِيعِ المَخْلُوقاتِ فَلَمْ يُسَبِّحُوا اللَّهَ ولَمْ يَصِفُوهُ بِصِفاتِ الكَمالِ إذْ جَعَلُوا لَهُ شُرَكاءَ في الإلَهِيَّةِ. وفِيهِ تَعْرِيضٌ بِالَّذِينَ أخْلَفُوا ما وعَدُوا بِأنَّهم لَمْ يُؤَدُّوا حَقَّ تَسْبِيحِ اللَّهِ، لِأنَّ اللَّهَ مُسْتَحِقٌّ لِأنْ يُوَفّى بِعَهْدِهِ في الحَياةِ الدُّنْيا وأنَّ اللَّهَ ناصِرُ الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ.

وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى نَظِيرِ قَوْلِهِ (سَبَّحَ لِلَّهِ) إلى (الحَكِيمُ) في أوَّلِ سُورَةِ الحَشْرِ وسُورَةِ الحَدِيدِ.

وفِي إجْراءِ وصْفِ (العَزِيزُ) عَلَيْهِ تَعالى هُنا إيماءٌ إلى أنَّهُ الغالِبُ لِعَدُوِّهِ فَما كانَ لَكم أنْ تَرْهَبُوا أعْداءَهُ فَتَفِرُّوا مِنهم عِنْدَ اللِّقاءِ.

وإجْراءُ صِفَةِ (الحَكِيمُ) إنْ حُمِلَتْ عَلى مَعْنى المُتَّصِفِ بِالحِكْمَةِ أنَّ المَوْصُوفَ بِالحِكْمَةِ لا يَأْمُرُكم بِجِهادِ العَدُوِّ عَبَثًا ولا يُخَلِّيهِمْ يَغْلِبُونَكم. وإنْ حُمِلَتْ عَلى مَعْنى المُحْكِمِ لِلْأُمُورِ فَكَذَلِكَ.