﴿إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِهِ صَفًّا كَأنَّهم بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ﴾ .

هَذا جَوابٌ عَلى تَمَنِّيهِمْ مَعْرِفَةَ أحَبِّ الأعْمالِ إلى اللَّهِ كَما في حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ المُتَقَدِّمِ وما قَبْلُهُ تَوْطِئَةٌ لَهُ عَلى أُسْلُوبِ الخُطَبِ ومُقَدِّماتِها.

والصَّفُّ: عَدَدٌ مِن أشْياءَ مُتَجانِبَةٍ مُنْتَظِمَةِ الأماكِنَ، فَيُطْلَقُ عَلى صَفِّ المُصَلِّينَ، وصَفِّ المَلائِكَةِ، وصَفِّ الجَيْشِ في مَيْدانِ القِتالِ بِالجَيْشِ إذا حَضَرَ القِتالُ كانَ صَفًّا مِن رَجّالَةٍ أوْ فُرْسانٍ ثُمَّ يَقَعُ تَقَدُّمُ بَعْضِهِمْ إلى بَعْضٍ فُرادى أوْ زَرافاتٍ.

فالصَّفُّ هُنا: كِنايَةٌ عَنْ الِانْتِظامِ والمُقاتَلَةِ عَنْ تَدَبُّرِ.

وأمّا حَرَكاتُ القِتالِ فَتَعْرِضُ بِحَسَبِ مَصالِحِ الحَرْبِ في اجْتِماعٍ وتَفَرُّقٍ وكَرٍّ وفَرٍّ. وانْتَصَبَ (صَفًّا) عَلى الحالِ بِتَأْوِيلِ: صافِّينَ، أوْ مَصْفُوفِينَ.

والمَرْصُوصُ: المُتَلاصِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. والتَّشْبِيهُ في الثَّباتِ وعَدَمِ الِانْفِلاتِ وهو الَّذِي اقْتَضاهُ التَّوْبِيخُ السّابِقُ في قَوْلِهِ ﴿لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] .