Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿ويَقُولُونَ مَتى هَذا الوَعْدُ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ ﴿قُلْ إنَّما العَلَمُ عِنْدَ اللَّهِ وإنَّما أنا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ لَمّا لَمْ تَكُنْ لَهم مُعارَضَةٌ لِلْحُجَّةِ الَّتِي في قَوْلِهِ ﴿هُوَ الَّذِي أنْشَأكُمْ﴾ [الملك: ٢٣] إلى ﴿هُوَ الَّذِي ذَرَأكم في الأرْضِ﴾ [الملك: ٢٤] انْحَصَرَ عِنادُهم في مَضْمُونِ قَوْلِهِ ﴿وإلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الملك: ٢٤] فَإنَّهم قَدْ جَحَدُوا البَعْثَ وأعْلَنُواْ بِجَحْدِهِ وتَعَجَّبُواْ مِن إنْذارِ القُرْآنِ بِهِ، وقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ ﴿هَلْ نَدُلُّكم عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكم إذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إنَّكم لَفي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [سبإ: ٧] ﴿افْتَرى عَلى اللَّهِ كَذِبًا أمْ بِهِ جِنَّةٌ﴾ [سبإ: ٨] وكانُواْ يَقُولُونَ ﴿مَتى هَذا الوَعْدُ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ واسْتَمَرُّواْ عَلى قَوْلِهِ، فَلِذَلِكَ حَكاهُ اللَّهُ عَنْهم بِصِيغَةِ المُضارِعِ المُقْتَضِيَةِ لِلتَّكْرِيرِ.
والوَعْدُ مَصْدَرٌ بِمَعْنى اسْمِ المَفْعُولِ، أيْ مَتى هَذا الوَعْدُ ؟ فَيَجُوزُ أنْ يُرادَ بِهِ الحَشْرُ المُسْتَفادُ مِن قَوْلِهِ (وإلَيْهِ تُحْشَرُونَ) فالإشارَةُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (هَذا) ظاهِرَةٌ، ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِهِ وعْدٌ آخَرَ بِنَصْرِ المُسْلِمِينَ، فالإشارَةُ إلى وعِيدٍ سَمِعُوهُ.
صفحة ٤٩
والاسْتِفْهامُ بِقَوْلِهِمْ ﴿مَتى هَذا الوَعْدُ﴾ مُسْتَعْمَلٌ في التَّهَكُّمِ لِأنَّ مِن عادَتِهِمْ أنْ يَسْتَهْزِئُواْ بِذَلِكَ قالَ تَعالى ﴿فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكم أوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إلَيْكَ رُءُوسَهم ويَقُولُونَ مَتى هُوَ﴾ [الإسراء: ٥١] .وأتَوْا بِلَفْظِ الوَعْدِ اسْتِنْجازًا لَهُ؛ لِأنَّ شَأْنَ الوَعْدِ الوَفاءُ.
وضَمِيرُ الخِطابِ في ﴿إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ لِلنَّبِيءِ ﷺ والمُسْلِمِينَ لِأنَّهم يَلْهَجُونَ بِإنْذارِهِمْ بِيَوْمِ الحَشْرِ، وتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ في سُورَةِ سَبَإٍ
وأمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِأنْ يُجِيبَ سُؤالَهم بِجُمْلَةٍ عَلى خِلافِ مُرادِهِمْ بَلْ عَلى ظاهِرِ الاسْتِفْهامِ عَنْ وقْتِ الوَعْدِ عَلى طَرِيقَةِ الأُسْلُوبِ الحَكِيمِ، بِأنَّ وقْتَ هَذا الوَعْدِ لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ، فَقَوْلُهُ (قُلْ) هُنا أمْرٌ بِقَوْلٍ يَخْتَصُّ بِجَوابِ كَلامِهِمْ وفُصِلَ دُونَ عَطْفٍ يُجْرِيانِ المَقُولَ في سِياقِ المُحاوَرَةِ، ولَمْ يُعْطَفْ فِعْلُ (قُلْ) بِالفاءِ جَرْيًا عَلى سُنَنِ أمْثالِهِ الواقِعَةِ في المُجاوَبَةِ والمُحاوَرَةِ، كَما تَقَدَّمَ في نَظائِرِهِ الكَثِيرَةِ وتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿قالُوا أتَجْعَلُ فِيها مَن يُفْسِدُ فِيها﴾ [البقرة: ٣٠] في سُورَةِ البَقَرَةِ.
ولامُ التَّعْرِيفِ في (العِلْمُ) لِلْعَهْدِ، أيِ العِلْمُ بِوَقْتِ هَذا الوَعْدِ. وهَذِهِ هي اللّامُ الَّتِي تُسَمّى عِوَضًا عَنِ المُضافِ إلَيْهِ. وهَذا قَصْرٌ حَقِيقِيٌّ.
﴿وإنَّما أنا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ قَصْرٌ إضافِيٌّ، أيْ ما أنا إلّا نَذِيرٌ بِوُقُوعِ هَذا الوَعْدِ لا أتَجاوَزُ ذَلِكَ إلى كَوْنِي عالِمًا بِوَقْتِهِ.
والمُبِينُ: اسْمُ فاعِلٍ مِن أبانَ المُتَعَدِّي، أيْ مُبَيِّنٌ لِما أُمِرْتُ بِتَبْلِيغِهِ.