Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿فَمَن أسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾ [الجن: ١٤] ﴿وأمّا القاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ الظّاهِرُ أنَّ هَذا خارِجٌ عَنِ الكَلامِ المَحْكِيِّ عَنِ الجِنِّ، وأنَّهُ كَلامٌ مِن جانِبِ اللَّهِ تَعالى لِمَوْعِظَةِ المُشْرِكِينَ مِنَ النّاسِ فَهو في مَعْنى التَّذْيِيلِ. وإنَّما قُرِنَ بِالفاءِ لِتَفْرِيعِهِ عَلى القِصَّةِ لِاسْتِخْلاصِ العِبْرَةِ مِنها، فالتَّفْرِيعُ تَفْرِيعُ كَلامٍ عَلى كَلامٍ، ولَيْسَ تَفْرِيعَ مَعْنى الكَلامِ عَلى مَعْنى الكَلامِ الَّذِي قَبْلَهُ.
والتَّحَرِّي: طَلَبُ الحَرا، بِفَتْحَتَيْنِ مَقْصُورًا واوِيًّا، وهو الشَّيْءُ الَّذِي يَنْبَغِي أنْ يُفْعَلَ، يُقالُ: بِالحَرِيِّ أنْ تَفْعَلَ كَذا، وأحْرى أنْ تَفْعَلَ.
والرَّشَدُ: الهُدى والصَّوابُ، وتَنْوِينُهُ لِلتَّعْظِيمِ.
والمَعْنى: أنَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ فَقَدْ تَوَخّى سَبَبَ النَّجاةِ وما يَحْصُلُ بِهِ الثَّوابُ؛ لِأنَّ الرَّشَدَ سَبَبُ ذَلِكَ.
والقاسِطُ: اسْمُ فاعِلِ (قَسَطَ) مِن بابِ ضَرَبَ، قَسْطًا، بِفَتْحِ القافِ وقُسُوطًا بِضَمِّها، أيْ: جارٍ فَهو كالظُّلْمِ يُرادُ بِهِ ظُلْمُ المَرْءِ نَفْسَهُ بِالإشْراكِ. وفي الكَشّافِ:
صفحة ٢٣٧
أنَّ الحَجّاجَ قالَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ حِينَ أرادَ قَتْلَهُ: ما تَقُولُ فِيَّ ؟ قالَ: قاسِطٌ عادِلٌ، فَقالَ القَوْمُ: ما أحْسَنَ ما قالَ - حَسِبُوا أنَّهُ وصَفَهُ بِالقِسْطِ بِكَسْرِ القافِ والعَدْلِ - فَقالَ الحَجّاجُ: يا جَهَلَةُ: إنَّهُ سَمّانِي ظالِمًا مُشْرِكًا، وتَلا لَهم قَوْلَهُ تَعالى ﴿وأمّا القاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ وقَوْلُهُ تَعالى ﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ [الأنعام: ١] اهـ.وشَبَّهَ حُلُولَ الكافِرِينَ في جَهَنَّمَ بِحُلُولِ الحَطَبِ في النّارِ عَلى طَرِيقَةِ التَّمْلِيحِ والتَّحْقِيرِ، أيْ: هم لِجَهْلِهِمْ كالحَطَبِ الَّذِي لا يَعْقِلُ، كَقَوْلِهِ تَعالى ﴿فاتَّقُوا النّارَ الَّتِي وقُودُها النّاسُ والحِجارَةُ﴾ [البقرة: ٢٤] .
وإقْحامُ فِعْلِ (كانُوا) لِتَحْقِيقِ مَصِيرِهِمْ إلى النّارِ حَتّى كَأنَّهم كانُوا كَذَلِكَ مِن زَمَنٍ مَضى.