﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾

تَقْرِيرٌ لِنَظِيرِهِ المُتَقَدِّمِ تَأْكِيدًا لِلتَّهْدِيدِ وإعادَةً لِمَعْناهُ.

التَّهْدِيدُ: مِن مَقاماتِ التَّكْرِيرِ كَقَوْلِ الحارِثِ بْنِ عُبادٍ:

قَرِّبا مَرْبَطَ النَّعامَةِ مِنِّي

الَّذِي كَرَّرَهُ مِرارًا مُتَوالِيَةً في قَصِيدَتِهِ اللّامِيَّةِ الَّتِي أثارَتْ حَرْبَ البَسُوسِ.

صفحة ٤٣٠

فَعَلى الوَجْهِ الأوَّلِ في مَوْقِعِ جُمْلَةِ (﴿ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المرسلات: ١٥]) يُقَدَّرُ الكَلامُ المُعَوِّضُ عَنْهُ تَنْوِينُ (يَوْمَئِذٍ) يَوْمَ إذْ يُقالُ لَهم (﴿ألَمْ نُهْلِكِ الأوَّلِينَ﴾ [المرسلات: ١٦]) .

والمُرادُ بِالمُكَذِّبِينَ: المُخاطَبُونَ فَهو إظْهارٌ في مَقامِ الإضْمارِ لِتَسْجِيلِ أنَّهم مُكَذِّبُونَ، والمَعْنى: ويْلٌ يَوْمَئِذٍ لَكم.

وعَلى الوَجْهِ الثّانِي في مَوْقِعِ الجُمْلَةِ يُقَدَّرُ المَحْذُوفُ المُعَوِّضُ عَنْهُ التَّنْوِينُ: يَوْمَ إذِ النُّجُومُ طُمِسَتْ إلَخْ، فَتَكُونُ الجُمْلَةُ تَأْكِيدًا لَفْظِيًّا لِنَظِيرَتِها الَّتِي تَقَدَّمَتْ. والمُرادُ بِالمُكَذِّبِينَ جَمِيعُ المُكَذِّبِينَ الشّامِلُ لِلسّامِعِينَ.

وعَلى الِاعْتِبارَيْنِ فَتَقْرِيرُ مَعْنى الجُمْلَتَيْنِ حاصِلٌ لِأنَّ اليَوْمَ يَوْمٌ واحِدٌ ولِأنَّ المُكَذِّبِينَ يَصْدُقُ بِالأحْياءِ وبِأهْلِ المَحْشَرِ.