﴿وإذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ﴾

يَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلى قَوْلِهِ (لِلْمُكَذِّبِينَ)، والتَّقْدِيرُ: والَّذِينَ إذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ، فَإنَّ (ال) الدّاخِلَةَ عَلى الأوْصافِ المُشْتَقَّةِ بِمَنزِلَةِ اسْمِ المَوْصُولِ غالِبًا، ولِذَلِكَ جَعَلَها النُّحاةُ في عِدادِ أسْماءِ المَوْصُولِ وجَعَلُوا الوَصْفَ الدّاخِلَةَ عَلَيْهِ صِلَةً لَها.

ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلى جُمْلَةِ (﴿كُلُوا وتَمَتَّعُوا قَلِيلًا﴾ [المرسلات: ٤٦]) والِانْتِقالُ مِنَ الخِطابِ إلى الغَيْبَةِ التِفاتٌ.

وعَلى كِلا الوَجْهَيْنِ فَهو مِنَ الإدْماجِ لِيَنْعِيَ عَلَيْهِمْ مُخالَفَتَهُمُ المُسْلِمِينَ في الأعْمالِ الدّالَّةِ عَلى الإيمانِ الباطِنِ فَهو كِنايَةٌ عَنْ عَدَمِ إيمانِهِمْ لِأنَّ الصَّلاةَ عِمادُ الدِّينِ ولِذَلِكَ عُبِّرَ عَنِ المُشْرِكِينَ بِـ (﴿الَّذِينَ هم عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ﴾ [الماعون: ٥]) .

صفحة ٤٤٧

والمَعْنى: إذا قِيلَ لَهم آمِنُوا وارْكَعُوا لا يُؤْمِنُونَ ولا يَرْكَعُونَ كَما كُنِّيَ عَنْ عَدَمِ الإيمانِ لِما حُكِيَ عَنْهم في الآخِرَةِ (﴿ما سَلَكَكم في سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ ولَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ﴾ [المدثر: ٤٢]) إلى آخِرِهِ.

ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلى قَوْلِهِ (﴿إنَّكم مُجْرِمُونَ﴾ [المرسلات: ٤٦]) . وعَلى الوُجُوهِ كُلِّها يُفِيدُ تَهْدِيدَهم لِأنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلى التَّكْذِيبِ أوْ عَلى الإجْرامِ، وكِلاهُما سَبَبٌ لِلتَّهْدِيدِ بِجَزاءِ السُّوءِ في يَوْمِ الفَصْلِ.

ولَيْسَ في الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ الكُفّارَ مُخاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ مَعْنى المُصَلِّينَ لِلَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ.