Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
صفحة ٣٢
﴿وفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أبْوابًا﴾جُمْلَةٌ هي حالٌ مِن ضَمِيرِ (تَأْتُونَ) .
والتَّقْدِيرُ: وقَدْ فُتِحَتِ السَّماءُ، أيْ: قَدْ حَصَلَ النَّفْخُ قَبْلَ ذَلِكَ أوْ مَعَهُ.
ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلى جُمْلَةِ ﴿يُنْفَخُ في الصُّورِ﴾ [النبإ: ١٨] فَيُعْتَبَرُ (يَوْمَ) مُضافًا إلى هَذِهِ الجُمْلَةِ عَلى حَدِّ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ويَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالغَمامِ﴾ [الفرقان: ٢٥] . والتَّعْبِيرُ بِالفِعْلِ الماضِي عَلى هَذا الوَجْهِ لِتَحْقِيقِ وُقُوعِ هَذا التَّفْتِيحِ حَتّى كَأنَّهُ قَدْ مَضى وُقُوعُهُ.
وفَتْحُ السَّماءِ: انْشِقاقُها بِنُزُولِ المَلائِكَةِ مِن بَعْضِ السَّماواتِ الَّتِي هي مَقَرُّهم نُزُولًا يَحْضُرُونَ بِهِ لِتَنْفِيذِ أمْرِ الجَزاءِ كَما قالَ تَعالى: ﴿ويَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالغَمامِ ونُزِّلَ المَلائِكَةُ تَنْزِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٥] ﴿المُلْكُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ لِلرَّحْمَنِ﴾ [الفرقان: ٢٦] .
وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ كَثِيرٍ، وابْنُ عامِرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وأبُو جَعْفَرٍ، ويَعْقُوبُ (وفُتِّحَتْ) بِتَشْدِيدِ الفَوْقِيَّةِ، وهو مُبالَغَةٌ في فِعْلِ الفَتْحِ بِكَثْرَةِ الفَتْحِ أوْ شِدَّتِهِ إشارَةً إلى أنَّهُ فَتْحٌ عَظِيمٌ؛ لِأنَّ شَقَّ السَّماءِ لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلّا اللَّهُ.
وقَرَأهُ عاصِمٌ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ بِتَخْفِيفِ الفَوْقِيَّةِ عَلى أصْلِ الفِعْلِ، ومُجَرَّدُ تَعَلُّقِ الفَتْحِ بِالسَّماءِ مُشْعِرٌ بِأنَّهُ فَتْحٌ شَدِيدٌ.
وفِي الفَتْحِ عِبْرَةٌ؛ لِأنَّ السَّماواتِ كانَتْ مُلْتَئِمَةً، فَإذا فَسَدَ التِئامُها وتَخَلَّلَتْها مَفاتِحُ كانَ مَعَهُ انْخِرامُ نِظامِ العالَمِ الفانِي، قالَ تَعالى: ﴿إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ﴾ [الإنشقاق: ١] إلى قَوْلِهِ: ﴿يا أيُّها الإنْسانُ إنَّكَ كادِحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ﴾ [الإنشقاق: ٦] .
فالتَّفَتُّحُ والفَتْحُ سَواءٌ في المَعْنى المَقْصُودِ، وهو تَهْوِيلُ يَوْمَ الفَصْلِ.
وفُرِّعَ عَلى انْفِتاحِ السَّماءِ بِفاءِ التَّعْقِيبِ ﴿فَكانَتْ أبْوابًا﴾، أيْ: ذاتَ أبْوابٍ.
فَقَوْلُهُ: (﴿أبْوابًا﴾) تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ، أيْ: كالأبْوابِ، وحِينَئِذٍ لا يَبْقى حاجِزٌ بَيْنَ سُكّانِ السَّماواتِ وبَيْنَ النّاسِ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿تَعْرُجُ المَلائِكَةُ والرُّوحُ إلَيْهِ في يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] .
صفحة ٣٣
والإخْبارُ عَنِ السَّماءِ بِأنَّها أبْوابٌ جَرى عَلى طَرِيقِ المُبالَغَةِ في الوَصْفِ بِذاتِ أبْوابٍ لِلدِّلالَةِ عَلى كَثْرَةِ المَفاتِحِ فِيها، حَتّى كَأنَّها هي أبْوابٌ، وقَرِيبٌ مِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وفَجَّرْنا الأرْضَ عُيُونًا﴾ [القمر: ١٢]؛ حَيْثُ أُسْنِدَ التَّفْجِيرُ إلى لَفْظِ الأرْضِ، وجِيءَ بِاسْمِ العُيُونِ تَمْيِيزًا، وهَذا يُناسِبُ مَعْنى قِراءَةِ التَّشْدِيدِ ويُؤَكِّدُهُ، ويُقَيِّدُ مَعْنى قِراءَةِ التَّخْفِيفِ ويُبَيِّنُهُ.و(كانَتْ) بِمَعْنى: صارَتْ.
ومَعْنى الصَّيْرُورَةِ مِن مَعانِي (كانَ) وأخَواتِها الأرْبَعِ وهي: ظَلَّ، وباتَ، وأمْسى، وأصْبَحَ، وقَرِينَةُ ذَلِكَ أنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلى (فُتِحَتْ)، ونَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإذا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ ورْدَةً كالدِّهانِ﴾ [الرحمن: ٣٧] .
والأبْوابُ: جَمْعُ بابٍ، وهو الفُرْجَةُ الَّتِي يُدْخَلُ مِنها في حائِلٍ مِن سُورٍ أوْ جِدارٍ أوْ حِجابٍ أوْ خَيْمَةٍ، وتَقَدَّمَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وغَلَّقَتِ الأبْوابَ﴾ [يوسف: ٢٣] في سُورَةِ يُوسُفَ، وقَوْلِهِ: ﴿ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ البابَ﴾ [المائدة: ٢٣] في سُورَةِ العُقُودِ.