Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿هَلْ ثُوِّبَ الكُفّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ﴾ .
فَذْلَكَةٌ لِما حُكِيَ مِنِ اعْتِداءِ المُشْرِكِينَ عَلى المُؤْمِنِينَ وما تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ الجَزاءِ يَوْمَ القِيامَةِ، فالمَعْنى فَقَدْ جُوزِيَ الكُفّارُ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ وهَذا مِن تَمامِ النِّداءِ الَّذِي يُعَلَّقُ بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ.
والِاسْتِفْهامُ بِـ هَلْ تَقْرِيرِيٌّ وتَعَجُّبٌ مِن عَدَمِ إفْلاتِهِمْ مِنهُ بَعْدَ دُهُورٍ.
صفحة ٢١٦
والِاسْتِفْهامُ مِن قَبِيلِ الطَّلَبِ فَهو مِن أنْواعِ الخِطابِ.والخِطابُ بِهَذا الِاسْتِفْهامِ مُوَجَّهٌ إلى غَيْرِ مُعَيَّنٍ، بَلْ إلى كُلِّ مَن يَسْمَعُ ذَلِكَ النِّداءَ يَوْمَ القِيامَةِ. وهَذا مِن مَقُولِ القَوْلِ المَحْذُوفِ.
وثُوِّبَ أُعْطِيَ الثَّوابَ، يُقالُ: ثَوَّبَهُ كَما يُقالُ: أثابَهُ، إذْ أعْطاهُ ثَوابًا.
والثَّوابُ: هو ما يُجازى بِهِ مِنَ الخَيْرِ عَلى فِعْلٍ مَحْمُودٍ وهو حَقِيقَتُهُ كَما في الصِّحاحِ، وهو ظاهِرُ الأساسِ ولِذَلِكَ فاسْتِعْمالُهُ في جَزاءِ الشَّرِّ هُنا اسْتِعارَةٌ تَهَكُّمِيَّةٌ. وهَذا هو التَّحْقِيقُ وهو الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الرّاغِبُ في آخِرِ كَلامِهِ إذْ قالَ: إنَّهُ يُسْتَعْمَلُ في جَزاءِ الخَيْرِ والشَّرِّ. أرادَ إنَّهُ يُسْتَعارُ لِجَزاءِ الشَّرِّ بِكَثْرَةٍ فَلا بُدَّ مِن عَلاقَةٍ وقَرِينَةٍ وهي هُنا قَوْلُهُ: الكُفّارُ وما كانُوا يَفْعَلُونَ كَقَوْلِ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ:
نَزَلْتُمْ مَنزِلَ الأضْيافِ مِنّا فَعَجَّلْنا القِرى أنْ تَشْتُمُونا
قَرَيْناكم فَعَجَّلْنا قِـراكم ∗∗∗ قُبَيْلَ الصُّبْحِ مِرْداةً طَحُونًا
ومِن قَبِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَبَشِّرْهم بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ [الإنشقاق: ٢٤] .و﴿ما كانُوا يَفْعَلُونَ﴾ مَوْصُولٌ وهو مَفْعُولٌ ثانٍ لِفِعْلِ (ثُوِّبَ) إذْ هو مِن بابِ أعْطى. ولَيْسَ الجَزاءُ هو ما كانُوا يَفْعَلُونَهُ، بَلْ عَبَّرَ عَنْهُ بِهَذِهِ الصِّلَةِ لِمُعادَلَتِهِ شِدَّةَ جُرْمِهِمْ عَلى طَرِيقَةِ التَّشْبِيهِ البَلِيغِ، أوْ عَلى حَذْفِ مُضافٍ تَقْدِيرُهُ: مِثْلَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَلى نَزْعِ الخافِضِ وهو باءُ السَّبَبِيَّةِ، أيْ: بِما كانُوا يَفْعَلُونَ.
وفِي هَذِهِ الجُمْلَةِ مُحَسِّنُ بَراعَةِ المَقْطَعِ لِأنَّها جامِعٌ لِما اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ السُّورَةُ.
* * *
صفحة ٢١٧
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِسُورَةُ الِانْشِقاقِ
سُمِّيَتْ في زَمَنِ الصَّحابَةِ (سُورَةُ إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ) . فَفي المُوَطَّأِ عَنْ أبِي سَلَمَةَ ”«أنَّ أبا هُرَيْرَةَ قَرَأ بِهِمْ إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ فِيها، فَلَمّا انْصَرَفَ أخْبَرَهم أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَجَدَ فِيها» “ . فَضَمِيرُ (فِيها) عائِدٌ إلى (﴿إذا السَّماءُ انْشَقَّتْ﴾ [الإنشقاق: ١]) بِتَأْوِيلِ السُّورَةِ، وبِذَلِكَ عَنْوَنَها البُخارِيُّ والتِّرْمِذِيُّ وكَذَلِكَ سَمّاها في الإتْقانِ.
سَمّاها المُفَسِّرُونَ وكُتّابُ المَصاحِفِ (سُورَةَ الِانْشِقاقِ) بِاعْتِبارِ المَعْنى كَما سُمِّيَتِ السُّورَةُ السّابِقَةُ (سُورَةَ التَّطْفِيفِ) و(سُورَةَ انْشَقَّتْ) اخْتِصارًا.
وذَكَرَها الجَعْبَرِيُّ في نَظْمِهِ في تَعْدادِ المَكِّيِّ والمَدَنِيِّ بِلَفْظِ (كَدْحٍ) فَيُحْتَمَلُ أنَّهُ عَنى أنَّهُ اسْمٌ لِلسُّورَةِ ولَمْ أقِفْ عَلى ذَلِكَ لِغَيْرِهِ.
ولَمْ يَذْكُرْها في الإتْقانِ مَعَ السُّوَرِ ذَواتِ الأكْثَرِ مِنِ اسْمٍ.
وهِيَ مَكِّيَّةٌ بِالِاتِّفاقِ.
وقَدْ عُدَّتِ الثّالِثَةَ والثَمانِينَ في تَعْدادِ نُزُولِ السُّوَرِ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الِانْفِطارِ وقَبْلَ سُورَةِ الرُّومِ.
وعَدَّ آيِها خَمْسًا وعِشْرِينَ أهْلُ العَدَدِ بِالمَدِينَةِ ومَكَّةَ والكُوفَةِ وعَدَّها أهْلُ البَصْرَةِ والشّامِ ثَلاثًا وعِشْرِينَ.
* * *
ابْتُدِئَتْ بِوَصْفِ أشْراطِ السّاعَةِ وحُلُولِ يَوْمِ البَعْثِ واخْتِلافِ أحْوالِ الخَلْقِ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ أهْلِ نَعِيمٍ وأهْلِ شَقاءٍ.