﴿واللَّهُ أعْلَمُ بِما يُوعُونَ﴾ .

اعْتِراضٌ بَيْنَ جُمْلَةِ ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ﴾ [الإنشقاق: ٢٢] وجُمْلَةِ ﴿فَبَشِّرْهم بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ [الإنشقاق: ٢٤] وهو كِنايَةٌ عَنِ الإنْذارِ والتَّهْدِيدِ بِأنَّ اللَّهَ يُجازِيهِمْ بِسُوءِ طَوِيَّتِهِمْ.

صفحة ٢٣٤

ومَعْنى ﴿بِما يُوعُونَ﴾ بِما يُضْمِرُونَ في قُلُوبِهِمْ مِنَ العِنادِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأنَّ ما جاءَ بِهِ القُرْآنُ حَقٌّ، ولَكِنَّهم يُظْهِرُونَ التَّكْذِيبَ بِهِ لِيَكُونَ صُدُودُهم عَنْهُ مَقْبُولًا عِنْدَ أتْباعِهِمْ وبَيْنَ مُجاوِرِيهِمْ.

وأصْلُ مَعْنى الإيعاءِ: جَعْلُ الشَّيْءِ وِعاءً والوِعاءُ بِكَسْرِ الواوِ الظَّرْفُ لِأنَّهُ يُجْمَعُ فِيهِ، ثُمَّ شاعَ إطْلاقُهُ عَلى جَمْعِ الأشْياءِ لِئَلّا تَفُوتَ فَصارَ مُشْعِرًا بِالتَّقْتِيرِ، ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وجَمَعَ فَأوْعى﴾ [المعارج: ١٨] وفي الحَدِيثِ: «لا تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ» واسْتُعْمِلَ في هَذِهِ الآيَةِ في الإخْفاءِ؛ لِأنَّ الإيعاءَ يَسْتَلْزِمُ الإخْفاءَ فَهو هُنا مَجازٌ مُرْسَلٌ.