Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿وهْوَ الغَفُورُ الوَدُودُ﴾ ﴿ذُو العَرْشِ المَجِيدُ﴾ ﴿فَعّالٌ لِما يُرِيدُ﴾ .
جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ [البروج: ١٢]، ومَضْمُونُها قَسِيمٌ لِمَضْمُونِ ﴿إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ [البروج: ١٢] لِأنَّهُ لَمّا أُفِيدَ تَعْلِيلُ مَضْمُونِ جُمْلَةِ ﴿إنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا المُؤْمِنِينَ﴾ [البروج: ١٠] إلى آخِرِهِ، ناسَبَ أنْ يُقابَلَ بِتَعْلِيلِ مَضْمُونِ جُمْلَةِ ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهم جَنّاتٌ﴾ [البروج: ١١] إلى آخِرِهِ، فَعُلِّلَ بِقَوْلِهِ ﴿وهُوَ الغَفُورُ الوَدُودُ﴾ فَهو يَغْفِرُ لِلَّذِينَ تابُوا وآمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ ما فَرَطَ مِنهم وهو يُحِبُّ التَّوّابِينَ ويَوَدُّهم.
والوَدُودُ: فَعُولُ بِمَعْنى فاعِلٍ، مُشْتَقٌّ مِنَ الوُدِّ وهو المَحَبَّةُ، فَمَعْنى الوَدُودِ: المُحِبُّ وهو مِن أسْمائِهِ تَعالى، أيْ أنَّهُ يُحِبُّ مَخْلُوقاتِهِ ما لَمْ يَحِيدُوا عَنْ وِصايَتِهِ، والمَحَبَّةُ الَّتِي يُوصَفُ اللَّهُ بِها مُسْتَعْمَلَةٌ في لازِمِ المُحِبَّةِ في اللُّغَةِ تَقْرِيبًا لِلْمَعْنى المُتَعالِي عَنِ الكَيْفِ وهو مِن مَعْنى الرَّحْمَةِ، وقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ رَبِّي رَحِيمٌ ودُودٌ﴾ [هود: ٩٠] في آخِرِ سُورَةِ هُودٍ.
ولَمّا ذَكَرَ اللَّهُ مِن صِفاتِهِ ما تَعَلُّقُهُ بِمَخْلُوقاتِهِ بِحَسَبِ ما يَسْتَأْهِلُونَهُ مِن جَزاءٍ أعْقَبَ ذَلِكَ بِصِفاتِهِ الذّاتِيَّةِ عَلى وجْهِ الِاسْتِطْرادِ والتَّكْمِلَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿ذُو العَرْشِ المَجِيدُ﴾ تَنْبِيهًا لِلْعِبادِ إلى وُجُوبِ عِبادَتِهِ لِاسْتِحْقاقِهِ العِبادَةَ لِجَلالِهِ كَما يَعْبُدُونَهُ لِاتِّقاءِ عِقابِهِ ورَجاءِ نَوالِهِ.
والعَرْشُ: اسْمٌ لِعالَمٍ يُحِيطُ بِجَمِيعِ السَّماواتِ، سَمِّيَ عَرْشًا لِأنَّهُ دالٌّ عَلى عَظَمَةِ اللَّهِ تَعالى كَمّا يَدُلُّ العَرْشُ عَلى أنَّ صاحِبَهُ مِنَ المُلُوكِ.
والمَجِيدُ: العَظِيمُ القَوِيُّ في نَوْعِهِ، ومِن أمْثالِهِمْ: في كُلِّ شَجَرٍ نارٌ، واسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفارُ، وهُما شَجْرانِ يَكْثُرُ قَدْحُ النّارِ مِن زَنْدِهِما.
صفحة ٢٥٠
وقَرَأهُ الجُمْهُورُ بِالرَّفْعِ عَلى أنَّهُ خَبَرٌ رابِعٌ عَنْ ضَمِيرِ الجَلالَةِ. وقَرَأهُ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وخَلَفٌ بِالجَرِّ نَعَتا لِلْعَرْشِ فَوَصْفُ العَرْشِ بِالمَجْدِ كِنايَةٌ عَنْ مَجْدِ صاحِبِ العَرْشِ.ثُمَّ ذَيَّلَ ذَلِكَ بِصِفَةٍ جامِعَةٍ لِعَظَمَتِهِ الذّاتِيَّةِ وعَظَمَةِ نِعَمِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿فَعّالٌ لِما يُرِيدُ﴾ أيْ: إذا تَعَلَّقَتْ إرادَتُهُ بِفِعْلٍ، فَعَلَهُ عَلى أكْمَلِ ما تَعَلَّقَتْ بِهِ إرادَتُهُ لا يَنْقُصُهُ شَيْءٌ ولا يُبْطِئُ بِهِ ما أرادَ تَعْجِيلَهُ. فَصِيغَةُ المُبالَغَةِ في قَوْلِهِ: فَعّالٌ لِلدَّلالَةِ عَلى الكَثْرَةِ في الكَمِّيَّةِ والكَيْفِيَّةِ.
والإرادَةُ هُنا هي المَعْرِفَةُ عِنْدَنا بِأنَّها صِفَةُ تَخَصُّصِ المُمْكِنِ بِبَعْضِ ما يَجُوزُ عَلَيْهِ وهي غَيْرُ الإرادَةِ بِمَعْنى المَحَبَّةِ مِثْلُ ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] .