﴿فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ﴾

صِفَةٌ ثالِثَةٌ لِـ جَنَّةٍ. فالمُرادُ جِنْسُ العُيُونِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أحْضَرَتْ﴾ [التكوير: ١٤]، أيْ: عَلِمَتِ النُّفُوسُ، وهَذا وصْفٌ لِلْجَنَّةِ بِاسْتِكْمالِها مَحاسِنَ الجَنّاتِ قالَ تَعالى: ﴿أوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِن نَخِيلٍ وعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأنْهارَ خِلالَها تَفْجِيرًا﴾ [الإسراء: ٩١] .

وإنَّما لَمْ تُعْطَفْ عَلى الجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَها لِاخْتِلافِهِما بِالفِعْلِيَّةِ في الأُولى والِاسْمِيَّةِ في الثّانِيَةِ، وذَلِكَ الِاخْتِلافُ مِن مُحَسِّناتِ الفَصْلِ ولِأنَّ جُمْلَةَ ﴿لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً﴾ [الغاشية: ١١] مَقْصُودٌ مِنها التَّنَزُّهَ عَنِ النَّقائِصِ وجُمْلَةَ ﴿فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ﴾ مَقْصُودٌ مِنها إثْباتَ بَعْضِ مَحاسِنِها.