﴿هَلْ في ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ﴾ .

جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ القَسَمِ وبَيْنَ ما بَعْدَهُ مِن جَوابِهِ أوْ دَلِيلِ جَوابِهِ، كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ [الواقعة: ٧٦] .

والِاسْتِفْهامُ تَقْرِيرِيٌّ، وكَوْنُهُ بِحَرْفِ (هَلْ)؛ لِأنَّ أصْلَ (هَلْ) أنْ تَدُلَّ عَلى التَّحْقِيقِ إذْ هي بِمَعْنى (قَدْ) .

واسْمُ الإشارَةِ عائِدٌ إلى المَذْكُورِ مِمّا أقْسَمَ بِهِ، أيْ: هَلْ بِالقَسَمِ في ذَلِكَ قَسَمٌ.

وتَنْكِيرُ (قَسَمٌ) لِلتَّعْظِيمِ أيْ: قَسَمٌ كافٍ ومُقْنِعٌ لِلْمُقْسَمِ لَهُ، إذا كانَ عاقِلًا أنْ يَتَدَبَّرَ بِعَقْلِهِ.

فالمَعْنى: هَلْ في ذَلِكَ تَحْقِيقٌ لِما أقْسَمَ عَلَيْهِ لِلسّامِعِ المَوْصُوفِ بِأنَّهُ صاحِبُ حِجْرٍ.

والحِجْرُ: العَقْلُ؛ لِأنَّهُ يَحْجُرُ صاحِبَهُ عَنِ ارْتِكابِ ما لا يَنْبَغِي، كَما سُمِّيَ عَقْلًا لِأنَّهُ يَعْقِلُ صاحِبَهُ عَنِ التَّهافُتِ كَما يَعْقِلُ العِقالُ البَعِيرَ عَنِ الضَّلالِ.

صفحة ٣١٧

واللّامُ في قَوْلِهِ: لِذِي حِجْرٍ لامُ التَّعْلِيلِ، أيْ: قَسَمٌ لِأجْلِ ذِي عَقْلٍ يَمْنَعُهُ مِنَ المُكابَرَةِ فَيَعْلَمُ أنَّ المُقْسِمَ بِهَذا القَسَمِ صادِقٌ فِيما أقْسَمَ عَلَيْهِ.