﴿وما أدْراكَ ما لَيْلَةُ القَدْرِ﴾

تَنْوِيهٌ بِطَرِيقِ الإبْهامِ المُرادِ بِهِ أنَّ إدْراكَ كُنْهِها لَيْسَ بِالسَّهْلِ لِما يَنْطَوِي عَلَيْهِ مِنَ الفَضائِلِ الجَمَّةِ.

وكَلِمَةُ (ما أدْراكَ ما كَذا) كَلِمَةٌ تُقالُ في تَفْخِيمِ الشَّيْءِ وتَعْظِيمِهِ، والمَعْنى: أيُّ شَيْءٍ يُعَرِّفُكَ ما هي لَيْلَةُ القَدْرِ، أيْ: يَعْسُرُ عَلى شَيْءٍ أنْ يُعَرِّفَكَ مِقْدارَها، وقَدْ تَقَدَّمَتْ غَيْرَ مَرَّةٍ مِنها، قَوْلُهُ: ﴿وما أدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الإنفطار: ١٧] في سُورَةِ الِانْفِطارِ قَرِيبًا. والواوُ واوُ الحالِ.

وأُعِيدَ اسْمُ (﴿لَيْلَةُ القَدْرِ﴾ [القدر: ٣]) الَّذِي سَبَقَ قَرِيبًا في قَوْلِهِ: ﴿فِي لَيْلَةِ القَدْرِ﴾ [القدر: ١] عَلى خِلافِ مُقْتَضى الظّاهِرِ؛ لِأنَّ مُقْتَضى الظّاهِرِ الإضْمارُ، فَقَصَدَ الِاهْتِمامَ بِتَعْيِينِها، فَحَصَلَ تَعْظِيمُ لَيْلَةِ القَدْرِ صَرِيحًا، وحَصَلَتْ كِتابَةٌ عَنْ تَعْظِيمِ ما أُنْزِلَ فِيها وأنَّ اللَّهَ اخْتارَ إنْزالَهُ فِيها لِيَتَطابَقَ الشَّرَفانِ.