Welcome to the Tafsir Tool!
This allows users to review and suggest improvements to the existing tafsirs.
If you'd like to contribute to improving this tafsir, simply click the Request Access button below to send a request to the admin. Once approved, you'll be able to start suggesting improvements to this tafsir.
﴿ولا أنا عابِدٌ ما عَبَدْتُمْ﴾
عُطِفَ عَلى ولا أنْتُمْ عابِدُونَ ما أعْبُدُ عَطْفَ الجُمْلَةِ عَلى الجُمْلَةِ لِمُناسَبَةِ نَفْيِ أنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ، فَأرْدَفَ بِنَفْيِ أنْ يَعْبُدَ هو آلِهَتَهم، وعَطْفُهُ بِالواوِ صارِفٌ عَنْ أنْ يَكُونَ المَقْصُودُ بِهِ تَأْكِيدَ ﴿لا أعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ﴾ [الكافرون: ٢] فَجاءَ بِهِ عَلى طَرِيقَةِ ولا أنْتُمْ عابِدُونَ ما أعْبُدُ بِالجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ. لِلدَّلالَةِ عَلى الثَّباتِ، ويَكُونُ الخَبَرُ اسْمَ فاعِلٍ دالًّا عَلى زَمانِ الحالِ، فَلَمّا نَفى عَنْ نَفْسِهِ أنْ يَعْبُدَ في المُسْتَقْبَلِ ما يَعْبُدُونَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿لا أعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ﴾ [الكافرون: ٢] كَما تَقَدَّمَ آنِفًا، صَرَّحَ هُنا بِما تَقْتَضِيهِ دَلالَةُ الفَحْوى عَلى نَفْيِ أنْ يَعْبُدَ آلِهَتَهم في الحالِ، بِما هو صَرِيحُ الدَّلالَةِ عَلى ذَلِكَ؛ لِأنَّ المَقامَ يَقْتَضِي مَزِيدَ البَيانِ، فاقْتَضى الِاعْتِمادَ عَلى دَلالَةِ المَنطُوقِ إطْنابًا في الكَلامِ، لِتَأْيِيسِهِمْ مِمّا راوَدُوهُ عَلَيْهِ ولِمُقابَلَةِ كَلامِهِمُ المَرْدُودِ بِمِثْلِهِ في إفادَةِ الثَّباتِ. وحَصَلَ مِن ذَلِكَ تَقْرِيرُ
صفحة ٥٨٣
المَعْنى السّابِقِ وتَأْكِيدُهُ، تَبَعًا لِمَدْلُولِ الجُمْلَةِ لا لِمَوْقِعِها؛ لِأنَّ مَوْقِعَها أنَّها عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ولا أنْتُمْ عابِدُونَ ما أعْبُدُ ولَيْسَ تَوْكِيدًا لِجُمْلَةِ ﴿لا أعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ﴾ [الكافرون: ٢] بِمُرادِفِها؛ لِأنَّ التَّوْكِيدَ لِلَّفْظِ بِالمُرادِفِ لا يُعْرَفُ إلّا في المُفْرَداتِ ولِأنَّ وُجُودَ الواوِ يُعَيِّنُ أنَّها مَعْطُوفَةٌ، إذْ لَيْسَ في جُمْلَةِ ﴿لا أعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ﴾ [الكافرون: ٢] واوٌ حَتّى يَكُونَ الواوُ في هَذِهِ الجُمْلَةِ مُؤَكِّدًا لَها.ولا يَجُوزُ الفَصْلُ بَيْنَ الجُمْلَتَيْنِ بِالواوِ؛ لِأنَّ الواوَ لا يُفْصَلُ بِها بَيْنَ الجُمْلَتَيْنِ في التَّوْكِيدِ اللَّفْظِيِّ. والأجْوَدُ الفَصْلُ بِـ (ثُمَّ) كَما في التَّسْهِيلِ مُقْتَصِرًا عَلى (ثُمَّ) . وزادَ الرَّضِيُّ الفاءَ ولَمْ يَأْتِ لَهُ بِشاهِدٍ ولَكِنَّهُ قالَ وقَدْ تَكُونُ (ثُمَّ) والفاءُ لِمُجَرَّدِ التَّدَرُّجِ في الِارْتِقاءِ، وإنْ لَمْ يَكُنِ المَعْطُوفُ مُتَرَتِّبًا في الذَّكَرِ عَلى المَعْطُوفِ عَلَيْهِ وذَلِكَ إذا تَكَرَّرَ الأوَّلُ بِلَفْظِهِ نَحْوَ: بِاللَّهِ، فاللَّهِ، ونَحْوَ واللَّهِ، ثُمَّ واللَّهِ.
وجِيءَ بِالفِعْلِ الماضِي في قَوْلِهِ: ﴿ما عَبَدْتُمْ﴾ لِلدَّلالَةِ عَلى رُسُوخِهِمْ في عِبادَةِ الأصْنامِ مِن أزْمانٍ مَضَتْ، وفِيهِ رَمْزٌ إلى تَنَزُّهِهِ ﷺ مِن عِبادَةِ الأصْنامِ مِن سالِفِ الزَّمانِ وإلّا لَقالَ: ولا أنا عابِدٌ ما كُنّا نَعْبُدُ.