﴿سَيَصْلى نارًا ذاتَ لَهَبٍ﴾

بَيانٌ لِجُمْلَةِ ﴿ما أغْنى عَنْهُ مالُهُ وما كَسَبَ﴾ [المسد: ٢] أيْ: لا يُغْنِي عَنْهُ شَيْءٌ مِن عَذابِ جَهَنَّمَ. ونَزَلَ هَذا القُرْآنُ في حَياةِ أبِي لَهَبٍ وقَدْ ماتَ بَعْدَ ذَلِكَ كافِرًا، فَكانَتْ هَذِهِ الآيَةُ إعْلامًا بِأنَّهُ لا يُسْلِمُ، وكانَتْ مِن دَلائِلِ النُّبُوَّةِ.

والسِّينُ لِلتَّحْقِيقِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قالَ سَوْفَ أسْتَغْفِرُ لَكم رَبِّي﴾ [يوسف: ٩٨] .

ويَصْلى نارًا يُشْوى بِها ويَحِسُّ بِإحْراقِها. وأصَّلُ الفِعْلِ: صَلاهُ بِالنّارِ، إذا

صفحة ٦٠٥

شَواهُ ثُمَّ جاءَ مِنهُ صَلِيَ كَأفْعالِ الإحْساسِ مِثْلَ فَرِحَ ومَرِضَ. ونُصِبَ (نارًا) عَلى نَزْعِ الخافِضِ.

ووَصْفُ النّارِ بِـ ﴿ذاتَ لَهَبٍ﴾ لِزِيادَةِ تَقْرِيرِ المُناسَبَةِ بَيْنَ اسْمِهِ وبَيْنَ كُفْرِهِ، إذْ هو أبُو لَهَبٍ والنّارُ ذاتُ لَهَبٍ.

وهُوَ ما تَقَدَّمَ الإيماءُ إلَيْهِ بِذِكْرِ كُنْيَتِهِ كَما قَدَّمْناهُ آنِفًا، وفي وصْفِ النّارِ بِذَلِكَ زِيادَةُ كَشْفٍ بِحَقِيقَةِ النّارِ وهو مِثْلَ التَّأْكِيدِ.

وبَيْنَ لَفْظَيْ (لَهَبٍ) الأوَّلِ (ولَهَبٍ) الثّانِي الجِناسُ التّامُّ.