ثم حكى القرآن أنهم ترقوا فانتقلوا من طلب الغفران إلى طلب الثواب الجزيل ، والعطاء الحسن فقال - تعالى - حكاية عنهم { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا على رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القيامة إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الميعاد } .أي نسألك يا ربنا أن تعطينا وتمنحنا بعد وفاتنا ، وحين قيامنا من قبورنا يوم القيامة ، ما وعدتنا به من ثواب فى مقابل تصديقنا لرسلك ، وطاعتنا لهم ، واستجابتنا لأوامرهم ونواهيهم { وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القيامة } أى ولا تذلنا ولا تفضحنا يوم المحشر على رءوس الأشهاد { إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الميعاد } . أى أنك - سبحانك - لا تخلف وعدك الذى وعدته لعبادك الصالحين .فهم قد جعلوا هذا الدعاء وهو طلب الثواب الجزيل يوم القيامة ، ختاما لدعواتهم ، لشعورهم بهفواتهم وبتقصيرهم أمام فضل الله ونعمه .والمراد بقولهم { مَا وَعَدتَّنَا } الثواب والعطاء الكائن منه - سبحانه - و " ما " موصولة أى آتنا الذى وعدتنا به أو وعدتنا إياه .وقوله { على رُسُلِكَ } فيه مضاف محذوف أى آتنا ما وعدتنا على ألسنة رسلك من ثواب . أو آتنا ما وعدتنا على تصديق رسلك والإيمان بهم من جزاء حسن .قال صاحب الكشاف : فإن قلت : كيف دعوا الله بإنجاز ما وعد والله لا يخلف الميعاد؟ .قلت : معناه طلب التوفيق فيما يحفظ عليهم أسباب إنجاز الميعاد ، أو هو من باب الملجأ إلى الله والخضوع له ، كما كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، " يستغفرون مع علمهم بأنهم مغفور لهم ، يقصدون بذلك التذلل لربهم ، والتضرع إليه ، والملجأ الذى هو سيما العبودية " .تلك هى الدعوات الخاشعات التى حكاها - سبحانه - عن أصحاب العقول السليمة ، وهم يتضرعون بها إلى خالقهم - عز وجل - فماذا كانت نتيجتها؟