ثم أكد - سبحانه - وجوب الانقياد لأحكامه ، وبشر المطيعين بحسن الثواب . وأنذر العصاة بسوء العقاب فقال : ( تِلْكَ حُدُودُ الله وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا وذلك الفوز العظيم ) .واسم الإِشارة ( تِلْكَ ) يعود إلى الأحكام المذكورة فى شأن المواريث وغيرها . والمعنى : تلك الأحكام التى ذكرها - سبحانه - عن المواريث وغيرها ( حُدُودُ الله ) أى شرائعه وتكاليفه التى شرعها لعباده .والحدود جمع حد . وحد الشئ طرفه الذى يمتاز به عن غيره . ومنه حدود البيت أى أطرافه التى تميزه عن بقية البيوت .والمراد بحدود الله هنا الشرائع التى شرعها - سبحانه - لعباده بحيث لا يجوز لهم تجاوزها ومخالفتها .وقد أطلق - سبحانه - على هذه الشرائع كلمة الحدود على سبيل المجاز لشبهها بها من حيث إن المكلف لا يجوز له أن يتجاوزها إلى غيرها .ثم قال - تعالى - ( وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ ) أى فيما أمر به من الأحكام ، وفيما شرعه من شرائع تتعلق بالمواريث وغيرها .( يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار ) أى تجرى من تحت أشجارها ومساكنها الأنهار ( خَالِدِينَ فِيهَا ) أى باقين فيها لا يموتون ولا يفنون ولا يخرجون منها وقوله ( وذلك الفوز العظيم ) أى وذلك المذكور من دخول الجنة الخالدة الباقية بمن فيها هو الفوز العظيم ، والفلاح الذى ليس بعده فلاح .