ثم أجمل - سبحانه - بيان الرسل الذين أرسلهم فقال : ( وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ) .وقوله : ( وَرُسُلاً ) منصوب بفعل مقدر قبله . أى : وأرسلنا رسلا قد أخبرناك عنهم ، وقصصنا عليك أنباءهم فيما نزل عليك من قرآن قبل نزول الآيات عليك . وأرسلنا رسلا آخرين غيرهم لم نقصص عليك أخبارهم؛ لأن حكمتنا تقتضى ذلك ، ولأن فيما قصصناه عليك من أخبار بعضهم عظات وعبرا لقوم يؤمنون .هذا ، وقد تكلم بعض العلماء عن عدد الأنبياء والرسل ، واستندوا فى كلامهم على أخبار وأحاديث لم تسلم أسانيدها من الطعن فيها .قال ابن كثير : وقد اختلف فى عدة الأنبياء والمرسلين ، والمشهور فى ذلك حديث أبى ذر الطويل ، وذلك فيما رواه ابن مردويه فى تفسيره حيث قال : حدثنا إبراهيم بن محمد . عن أبى إدريس الخولانى " عن أبى ذر قال : قلت يا رسول الله : كم عدد الأنبياء؟ قال : " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا . قلت يا رسول الله . كم الرسل منهم؟ قال : ثلاثمائة وثلاثة عشر . . " " .وقوله : ( وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً ) تشريف لموسى - عليه السلام - بهذه الصفة ولهذا يقال له : موسى الكليم . أى . وخاطب الله موسى مخاطبة من غير واسطة .قال الجمل : والجملة إما معطوفة على قوله : ( إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ ) عطف القصة على القصة ، وإما حال بتقدير قد كما ينبئ عنه تغيير الأسلوب بالالتفات .وقوله ( تَكْلِيماً ) مصدر مؤكد لعامله رافع لاحتمال المجاز .قال الفراء : العرب تسمى ما وصل إلى الإِنسان كلاما بأى طريق وصل . ما لم يؤكد بالمصدر . فإن أكد به لم يكن إلا حقيقة الكلام .فدل قوله ( تَكْلِيماً ) على أن موسى قد سمع كلام الله - تعالى - حقيقة من غير واسطة ، ولكن بكيفية لا يعلمها إلا هو - سبحانه - .وقد سابق بعض المفسرين نقولا حسنة فى مسألة كلام الله - تعالى - فارجع إليها إن شئت .