وبعد أن حكى - سبحانه - ما حكى من رذائل أهل الكتاب وخصوصاً اليهود عقب ذلك بفتح باب الخير لهم متى آمنوا واتقوا فقال - تعالى :( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الكتاب آمَنُواْ . . . )المعنى : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الكتاب ) من اليهود والنصارى ( آمَنُواْ ) برسول الله - صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من حق ونور ( واتقوا ) الله - تعالى - بأن صانوا أنفسهم عن كل ما لا يرضاه . لو أنهم فعلوا ذلك ( لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ) بأن رفعنا عنهم العقاب وسترنا عليهم معاصيهم فلم نحاسبهم عليها ، ( وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النعيم ) في الآخرة .قال الفخر الرازي : واعلم أنه - سبحانه - لما بالغ في ذمهم وفي تهجين طريقتهم عقب ذلك ببيان أنهم لو آمنوا واتقوا لوجدوا سعادات الآخرة والدنيا . أما سعادات الآخرة فهي محوصورة في نوعين :أحدهما : رفع العقاب .والثاني : إيصال الثواب .أما رفع العقاب فهو المراد بقوله : ( لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ) وأما إيصال التواب فهو المراد بقوله : ( وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النعيم ) .