وبعد هذا الترهيب الشديد للكافرين من العذاب الأليم ، فتح لهم - سبحانه - باب رحمته ، حيث رغبهم في الإِيمان ، وأنكر عليهم تقاعسهم عنه بعد أن ثبت بطلان ما هم عليه من عقائد فقال - تعالى - : ( أَفَلاَ يَتُوبُونَ إلى الله وَيَسْتَغْفِرُونَهُ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) .والاستفهام هنا يتضمن حضهم على التوبة والرجوع إلى الحق وتوبيخهم على ما كان منهم من ضلال والتعجيب من استمرارهم على كفرهم وعقائدهم الفاسدة التي لا يقبلها عقل سليم ، ولا تصور قويم .والفاء للعطاف على مقدر يقتضيه الكلام . أي : أيسمعون ما يسمعون من الحق الذي يزهق باطلهم ومن النذر التي ترقق القلوب لا يحملهم ذلك على التوبة والرجوع إلى الله وطلب مغفرته ، والحال أنه - سبحانه - عظيم المغفرة واسع الرحمة لمن آمن وعمل صالحا .إن إصرارهم على كفرهم بعد تفنيده وإبطاله ، وبعد تحذيرهم من سوء عاقبة الكافرين ليلد على أنهم قوم اضلون خاسرون يستحقون أن يكونوا محل عجب الناس وإهمالهم .قال أبو السعود : وقوله ( والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) جملة حالية من فاعل ( وَيَسْتَغْفِرُونَهُ ) مؤكدة للإِنكار والتعجيب من إصرارهم على الكفر وعدم مسارعتهم إلى الاستغفار .أي : والحال أن الله : - تعالى - مبالغ في المغفرة . فيغفر لهم عند استغفارهم ويمنحهم من فضله .وقال ابن كثير : هذا من كرمه - تعالى - وجوده ولطفه ورحمته بخلقه . مع هذا الذنب العظيم ، وهذا الافتراء والكذب والإِفك ، يدعوهم إلى التوبة والمغفرة . فكل من تاب إليه تاب عليه . كما قال ( والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) فيغفر لهؤلاء إن تاوبا ولغيرهم .