وبعد هذا الرد القبيح منهم ، أخذ هود يدافع عن نفسه ويبين لهم وظيفته بأسلوب حكيم فقال : ( يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ ) أى : ليس بى أى نوع من أنواع السفاهة كما تزعمون ( وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ العالمين أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ) .فأنت ترى أن هودا فى هذا الرد الحكيم على قومه ، قد نفى عن نفسه تهمة السفاهة كما نفى أخوه نوح من قبله عن نفسه تهمة الضلالة ، ثم بين لهم بعد ذلك وظيفته وطبيعة رسالته ، ثم أخبرهم بعد ذلك بمقتضى أخوته لهم ليس معقولا أن يكذب عليهم أو يخدعهم - فإن الرائد لا يكذب أهله - ، وإنما هو ناصح أمين يهديهم إلى ما يصلحهم ويبعدهم عما يسوءهم :قال صاحب الكشاف : " وفى إجابة الأنبياء - عليهم السلام - على من نسبهم إلى الضلالة والسفاهة بما أجابوهم به من الكلام الصادر عن الحلم والاغضاء ، وترك المقابلة بما قالوا لهم ، مع علمهم بأن خصومهم أضل الناس وأسفههم - فى إجابتهم هذه أدب حسن ، وخلق عظيم ، وحكاية الله - عز وجل - ذلك ، تعليم لعباده كيف يخاطبون السفهاء ، وكيف يغضون عنهم ويسلبون أذيالهم على ما يكون منهم " .