ولم يطل انتظار هود عليهم ، فقد حل بهم العقاب الذى توعدهم به سريعا ولذا قال - تعالى - : ( فَأَنجَيْنَاهُ والذين مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا ) الفاء فصيحة . أى : فوقع ما وقع فأنجينا هودا والذين اتبعوه فى عقيدته برحمة عظيمة منا لا يقدر عليها غيرنا .( وَقَطَعْنَا دَابِرَ الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا ) أى : استأصلناهم عن آخرهم بالريح العقيم التى ( مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كالرميم ) فقطع الدابر كناية عن الاستئصال والاهلاك للجميع يقال قطع الله دابره أى : أذهب أصله .وقوله : ( وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ ) مع إثبات التكذيب بآيات الله؟ قلت : هو تعريض بمن آمن منهم - كمرثد بن سعد - ومن نجا مع هود - عليه السلام - كأنه قال : وقطعنا دابر الذين كذبوا منهم ، ولم يكونوا مثل من آمن منهم ليؤذن أن الهلاك للمكذبين ونجى الله المؤمنين " .وهكذا طويت صفحة أخرى من صحائف المكذبين ، وتحقق النذير فى قوم هود كما تحقق قبل ذلك فى قوم نوح .