ثم حكت السورة الكريمة نهايتهم الأليمة ، بسبب نقضهم لعهودهم ومواثيقهم فى كل مرة ، وبسبب تكذيبهم لآيات الله . وعصيانهم لنبيهم موسى - عليه السلام - فقالت : ( فانتقمنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي اليم بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ ) أى : فانتقمنا منهم عند بلوغ الأجل المضروب لإهلاكهم . بأن أغرقناهم فى اليم - أى البحر - ، وذلك بسبب تكذيبهم لآياتنا الواضحة ، وحججنا الساطعة ، وكانوا عنها غافلين بحيث لا يتدبرونها ، ولا يتفكرون فيما تحمله من عظات وعبر .والقرآن هنا يسوق حادث إغراق فرعون وملئه بصورة مجملة ، فلا يفصل خطواته كما فصلها فى مواطن أخرى ، وذلك لأن المقام هنا هو مقام الأخذ الحاسم بعد الإمهال الطويل ، فلا داعى إذن إلى طول العرض والتفصيل . إن الحسم السريع هنا أوقع فى النفس ، وأرهب للحس ، وأزجر للقلب ، وأدعى إلى العظة والاعبتار ، ولأن سورة الأعراف - كما سبق أن بينا - يغلب عليها هذا الأسلوب الذى يزلزل قلوب الطغاة ، ويغرس فى النفوس الرهبه والخوف وهى تقص على الناس ما أصاب الظالمين من عذاب دنيوى مضى وصار تاريخا يعلمونه ويتحدثون عنه ، وهو ما حل بالأمم السابقة التى كذبت رسلها وعتت عن أمر ربها .ثم وهى تحكى لهم ما أعد للمستكبرين من عذاب أخروى بسبب عصيانهم وانتهاكهم لحرمات الله .