وقوله : ( وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ) الإملاء : الإمداد فى الزمن والإمهال والتأخير ، مشتق من الملاوة والملوة ، وهى الطائفة الطويلة من الزمن . والملوان : الليل والنهار .ويقال : أملى له إذا أمهله طويلا ، وأملى للبعير : إذ أرخى له فى الزمام ووسع له فى القيد ليستع المرعى .والكيد كالمكر ، وهو التدبير الذى يقصد به غير ظاهره بحيث ينخدع المكيد له بمظهره فلا يفطن له حتى ينتهى إلى ما يسوءه من مخبره وغايته . وإضافته إلى الله - تعالى - يحمل على المعنى اللائق به ، كإبطال مكر أعدائه أو إمدادهم بالنعم ثم أخذهم بالعذاب .ومتين : من المتانة بمعنى الشدة والقوة . ومنه المتن للظهر أو للحم الغليظ .والمعنى . والذين كذبوا بآياتنا سنستدنيهم قليلا قليلا إلى ما يهلكهم ويضاعف عقابهم بكثرة النعم بين أيديهم ، حتى يفاجئهم الهلاك من حيث لا يعلمون أن صنعنا هذا معهم هو لون من الاستدراج . وأمهل لهؤلاء المكذبين المستدرجين فى العمر ، وأمد لهم فى أسباب الحياة الرغدة ، إن كيدى شديد متين لا يدافع بقوة ولا بحيلة . وفى الحديث الشريف الذى رواه الشيخان عن أبى موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " .وقوله ( وَأُمْلِي لَهُمْ ) جوز بعضهم أن يكون خبراً لمبتدأ محذوف أى : وأنا أملى لهم . وقيل هو معطوف على قوله ( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ ) وقيل هو مستأنف .