ثم بين . سبحانه . أن المؤمنين الصادقين هم الجديرون بعمارة مساجد الله ، فقال : ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الله مَنْ آمَنَ بالله واليوم الآخر وَأَقَامَ الصلاة وآتى الزكاة وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ الله ) .أى : ليس المشركون أهلا لعمارة مساجد الله؛ وإنما الذين هم أهل لذلك المؤمنون الصادقون الذين آمنوا بالله إيماناً حقاً ، وآمنوا باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقاب ، وآمنوا بما فرضه الله عليهم من فرائض فأدوها بالكيفية التى أرشدهم إليها نبيهم - صلى الله عليه وسلم - فهم فى صلاتهم خاشعون؛ وللزكاة معطون بسخاء وإخلاص .وهم بجانب ذلك لا يخشون أحداً إلا الله فى تبليغ ما كلفوا بتبليغه من أمور الدين؛ ولا يقصرون فى العمل بموجب أوامر الله ونواهيه .قال صاحب الكشاف : فإن قلت : هلا ذكر الإِيمان برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت : لما عُلِم وشهر أن الإيمان بالله قرينته الإِيمان بالرسول . عليه الصلاة والسلام . لاشتمال كلمة الشهادة والأذان والإِقامة وغيرها عليهما مقترنين كأنهما شئ واحد . . انطوى تحت ذكر الإِيمان بالله . تعالى . الإِيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن قلت : كيف قال : ( وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ الله ) والمؤمن يخشى المحاذير ولا يتمالك أن لا يخشاها .قلت : هي الخشية والتقوى فى أبواب الدين ، وأن لا يختار على رضا الله رضا غيره لتوقع مخوف : وإذا اعترض أمران : أحدهما حق الله والآخر حق نفسه ، آثر حق الله على حق نفسه .وقوله - تعالى - ( فعسى أولئك أَن يَكُونُواْ مِنَ المهتدين ) تذييل قصد به حسن عاقبة المؤمنين الصادقين .أى : فسعى أولئك المتصفون بتلك الصفات الجليلة من الإِيمان بالله واليوم الآخر . . أن يكونوا من المهتدين إلى الجنة وما أعد فيها من خير عميم ، ورزق كبير .