وقوله . ( الذين آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ الله بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ الله . . ) . استئناف لبيان مراتب فضلهم زيادة فى الرد ، وتكميلا له .أى : ( الذين آمَنُواْ ) بالله - تعالى - إيماناً حقاً ، ( وَهَاجَرُواْ ) من دار الكفر إلى دار الإِيمان فراراً بدينهم ، ( وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ الله ) لإِعلاء كلمة الله ( بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ) هؤلاء الذين توفرت فيهم هذه الصفات الجليلة ( أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ الله ) أى : أعلى مقاماً وأشرف منزلة فى حكم الله وتقديره من أهل سقاية الحاج . وعمارة المسجد ( الحرام ) ومن كل من لم يتصف بهذه الصفات الأربعة الكريمة وهى : الايمان ، والهجرة ، والجهاد بالمال ، والجهاد بالنفس .قال الفخر الرازى : فان قيل : لما أخبرتم أن هذه الصفات كانت بين المسلمين والكافرين . كما جاء فى بعض روايات أسباب النزول . فكيف قال فى وصفهم اعظم درجة مع أنه ليس للكفار درجة .قلنا . الجواب عنه من وجوه . الأول أن هذا ورد على حسب ما كانوا يقدرون لأنفسهم من الدرجة والفضيلة عند الله ، ونظيره قوله . سبحانه ( ءَآللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ) الثانى : أن يكون المراد أن أولئك أعظم درجة من كل من لم يكن موصوفاً بهذه الصفات ، تنبيهاً على أنهم لما كانوا أفضل من المؤمنين ما كانوا موصوفين بهذه الصفات ، فبأن لا يقاسوا إلى الكفار أولى .الثالث : أن يكون المراد أن المؤمن المجاهد المهاجر أفضل ممن على الساقية والعمارة والمراد منه ترجيح تلك الأعمال . ولا شك أن السقاية والعمارة من أعمال الخير . وإنما بطل ثوابها فى حق الكفار بسبب كفرهم .وقوله : ( وأولئك هُمُ الفائزون ) أى : وأولئك الموصوفون بتلك الصفات الكريمة ، هم الفائزون ، بثواب الله الأعظم ، وبرضائه الأسمى الذى لا يصل إليه سواهم ممن لم يفعل فعلهم .