وأسند الإِخراج إلى الله - تعالى - للإِشارة إلى أنه - سبحانه - يخرج ما يحذرونه إخراجاً لا مزيد عليه من الكشف والوضوح ، حتى يحترس منهم المؤمنون ، ولا يغرتوا بأقوالهم المعسولة .وقوله : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ . . . ) بيان للون آخر من معاذيرهم الكاذبة ، وجبنهم عن مواجهة الحقائق .وأصل الخوض - كما يقول الآلوسى - الدخول فى مائع مثل الماء والطين ، ثم كثر حتى صار اسماً لكل دخول فيه تلويث وأذى .أى : ولئن سألت يا محمد هؤلاء المنافقين عن سبب استهزائهم بتعاليم الإِسلام ليقولن لك على سبيل الاعتذار ، إنما كنا نفعل ذلك على سبيل الممازحة والمداعبة لا على سبيل الجد .وقوله : ( قُلْ أبالله وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ ) إبطال لحجتهم ، وقطع لمعاذيرهم ، وتبكيت لهم على جهلهم وسوء أخلاقهم .أى : قل لهم يا محمد - على سبيل التوبيخ والتجهيل - ألم تجدوا ما تستهزئون به فى مزاحكم ولعبكم - كما تزعمون - سوى فرائض الله وأحكامه وآياته ورسوله الذى جاء لهدايتكم وإخراجكم من الظلمات إلى النور؟فالاستفهام للانكار والتوبيخ ، ودفع ما تذرعوا به من معاذيرهم واهية .