ثم بين - سبحانه - موقف المنافقين وموقف المؤمنين بالنسبة للجهاد ، كما بين عاقبة كل فريق فقال - تعالى - : ( وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ . . . . الفوز العظيم ) .والمراد بالسورة فى قوله - سبحانه - ( وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ ) : كل سورة ذكر الله - تعالى - فيها وجوب الإِيمان به والجهاد فى سبيله .أى : أن من الصفات الذميمة لهؤلاء المنافقين ، أنهم كلما نزلت سورة قرآنية ، تدعو فى بعض آياتها الناس إلى الإِيمان بالله والجهاد فى سبيله ، ما كان منهم عند ذلك إلا الجبن والاستخذاء والتهرب من تكاليف الجهاد . . .وقوله : ( استأذنك أُوْلُواْ الطول مِنْهُمْ . . . ) بيان لحال هؤلاء المنافقين عند نزول هذه السورة .والطول - بفتح الطاء - يطلق على الغنى والثروة ، مأخوذ من مادة الطول بالضم التى هى ضد القصر .والمراد بأولى الطول : رؤساء المنافقين وأغنياؤهم والقادرون على تكاليف الجهاد .أى : عند نزول السورة الداعية إلى الجهاد ، يجئ هؤلاء المنافقين أصحاب الغنى والثروة ، إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليستأذنوا فى القعود وعدم الخروج . . وليقولوا له بجبن واستخذاء ( ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ القاعدين ) .أى : اتركنا يا محمد مع القاعدين فى المدينة من العجزة والنساء والصبيان ، واذهب أنت وأصحابه إلى القتال .وإنما خص ذوى الطول بالكذر ، تخليداً لمذمتهم واحتقارهم؛ لأنه كان المتوقع منهم أن يتقدموا صفوف المجاهدين ، لأنهم يملكون وسائل الجهاد والبذل ، لا ليتخاذلوا ويعتذروا ، ويقولوا ما قالوا مما يدل على جبنهم والتوائهم .