قوله : ( يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ ) ، إخبار عما سيقولونه للمؤمنين عند لقائهم بهم .أى : أن هؤلاء المنافقين المتخلفين عن الجهاد مع قدرتهم عليه ، سيعتذرون إليكم - أيها المؤمنون - إذا رجعتم إليهم من تبوك . بأن يقولوا لكم مثلا : إن قعودنا فى المدينة وعمد خروجنا معكم كانت له مبرراته القوية . فلا تؤاخذونا .وهذه الجملة الكريمة من الأنباء التى أنبأ الله بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - عن أحوال المنافقين وعما سيقولونه له وللمؤمنين بعد عودتهم إليهم ، وهذا يدل على أن هذه الآيات نزلت فى أثناء العودة ، وقبل وصول الرسول وأصحابه إلى المدينة من تبوك .وقوله : ( قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا الله مِنْ أَخْبَارِكُمْ ) ، إبطال لمعاذيرهم ، وتلقين من الله - تعالى - لرسوله بالرد الذى يخرس ألسنتهم .أى : قل لهم - أيها الرسول الكريم - عندما يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم ، قل لهم : دعوكم من هذه المعاذير الكاذبة ، ولا تتفوهوا بها أمامنا ، فإننا ( لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ ) ولن نصدق أقوالكم ، فإن الله ، تعالى . قد كشف لنا عن حقيقتكم ووضح لنا أحوالكم ، وبين لنا ما أنتم عليه من نفاق وفسوق وعصيان ، وما دام الأمر كذلك ، فوفروا على أنفسكم هذه المعاذير الكاذبة .وقال ، سبحانه . ( قَدْ نَبَّأَنَا الله مِنْ أَخْبَارِكُمْ ) ولم يقل قد نبأنى ، للاشعار بأن الله - تعالى - قد أمر رسوله . صلى الله عليه وسلم . أن يبلغ المؤمنين بأحوال هؤلاء المنافقين حتى يكونوا على بينة من أمرهم .وقوله : ( وَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ) تهديد لهم على نفاقهم وكذبهم .أى : دعوا عنكم هذه الأعذار الباطلة ، فإن الله - تعالى - مطلع على أحوالكم ، وسيعلم سركم وجهركم علما يترتب عليه الجزاء العادل لكم ، ويبلغ رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأخباركم ، هذا فى الدنيا ، أما فى الآخرة ، فأنتم " ستردون " يوم القيامة ( إلى عَالِمِ الغيب والشهادة ) الذى لا يخفى عليه شئ فى الأرض ولا فى السماء ( فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) أى : فيخبركم بما كنتم تعلمونه فى الدنيا من أعمال قبيحة ، وسيجازيكم عليها بما تستحقونه من عقاب .