وقوله - سبحانه - ( أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ . . . ) زيادة فى تجهيلهم وتأنيبهم والهمزة داخلة على محذوف ، و ( ثم ) حرف عطف يدل على الترتيب والتراخي وجيء به هنا للدلالة على زيادة الاستبعاد .والمعنى : إنكم أيها الجاهلون لستم بصادقين فيما تطلبون ، لأنكم قبل وقوع العذاب تتعجلون وقوعه ، فإذا ما وقع وشاهدتم أهواله . وذقتم مرارته . . آمنتم بأنه حق ، وتحول استهزاؤكم به إلى تصديق وإذعان وتحسر .وقوله : ( الآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ) قصد به زيادة إيلامهم وحسرتهم ولفظ ( الآنَ ) ظرف زمان يدل على الحال الحاضرة ، وهو فى محل نصب على أنه ظرف لفعل مقدر .أى : قيل لهم عند إيمانهم بعد وقوع العذاب : الآن آمنتم بأنه حق؟ مع أنكم قبل ذلك كنتم به تستهزئون ، وتقوولن للرسول - صلى الله عليه وسلم - ولأتباعه :( متى هَذَا الوعد إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ألا فلتعلموا : أن إيمانكم فى هذا الوقت غير مقبول ، لأنه جاء فى غير أوانه ، وصدق الله إذ يقول : ( فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قالوا آمَنَّا بالله وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ . فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا سُنَّتَ الله التي قَدْ خَلَتْ فى عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الكافرون ).