وقوله سبحانه - ( يُثَبِّتُ الله الذين آمَنُواْ بالقول الثابت فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة ) بيان لفضل الله - تعالى - على هؤلاء المؤمنين ، ولحسن عاقبتهم . .والمراد بالحياة الدنيا : مدة حياتهم فى هذه الدنيا .والمراد بالآخرة : ما يشمل سؤالهم فى القبر وسؤالهم فى مواقف القيامة .والمعنى : يثبت الله - تعالى - الذين آمنوا بالقول الثابت أى : الصادق الذى لا شك فيه ، فى الحياة الدنيا ، بأن يجعلهم متمسكين بالحق ، ثابتين عليه دون أن يصرفهم عن ذلك ترغيب أو ترهيب .ويثبتهم أيضاً بعد مماتهم ، بأن يوفقهم إلى الجواب السديد عند سؤالهم فى القبر وعند سؤالهم فى مواقف يوم القيامة .قال الآلوسى ما ملخصه : " قوله - تعالى - ( يُثَبِّتُ الله الذين آمَنُواْ بالقول الثابت ) أى : الذى ثبت عندهم وتمكن فى قلوبهم ، وهو الكلمة الطيبة التى ذكرت صفتها العجيبة . . . ( فِي الحياة الدنيا ) أى يثبتهم بالبقاء على ذلك مدة حياتهم ، فلا يزالون عند الفتنة . . ( وَفِي الآخرة ) أى بعد الموت وذلك فى القبر الذى هو أول منزل من منازل الآخرة ، وفى مواقف القيامة ، فلا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم هناك ، ولا تدهشهم الأهوال . . . " .وقوله : ( وَيُضِلُّ الله الظالمين ) بيان لسوء عاقبة أصحاب المثل الثانى وهم الكافرون .أى : ويخلق فيهم الضلال عن الحق بسبب إيثارهم الكفر على الإيمان .( وَيَفْعَلُ الله مَا يَشَآءُ ) فعله ، عن تثبيت من يريد تثبيته ، وإضلال من يريد إضلاله ، حسبما تقتضيه إرادته وحكمته ، لاراد لأمره ، ولا معقب لحكمه .