وقوله - سبحانه - ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الخلاق العليم ) تعليل للأمر بالصفح الجميل عنهم .والخلاق والعليم : صيغتا مبالغة من الخلق والعلم ، للدلالة على كثرة خلقه ، وشمول علمه .أى : ( إن ربك ) أيها الرسول الكريم ، الذى رباك برعايته وعنايته ، واختارك لحمل رسالته ( هو ) - سبحانه - ( الخلاق ) لك ولهم ولكل شئ فى هذا الوجود .( العليم ) بأحوالك وبأحوالهم ، وبما يصلح لك ولهم ولكل الكائنات .وقد علم - سبحانه - أن الصفح عنهم فى هذا الوقت فيه المنفعة لك ولهم ، فحقيق بك - أيها الرسول الكريم - أن تطيعه - سبحانه - ، وأن تكل الأمور إليه .ولقد تحقق الخير من وراء هذا التوجيه السديد من الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم فقد نرتب على هذا الصفح : النصر للنبى صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين ، والهداية لبعض الكافرين وهم الذين دخلوا فى الإِسلام بعد نزول هذه الآية ، وصاروا قوة للدعوة الإِسلامية بعد أن كانوا حربًا عليها ، وتحقق - أيضًا - قوله صلى الله عليه وسلم : " لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله - عز وجل - " .