ثم وجه - سبحانه - خطابا لنبيه صلى الله عليه وسلم على سبيل التسلية والتثبيت ، حيث بين له أنه ما أصابه من مشركى قومه ، قد فعل ما يشبهه المشركون السابقون مع أنبيائهم ، فقال - تعالى - : ( تالله لَقَدْ أَرْسَلْنَآ إلى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ اليوم وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .وقوله ( فزين ) من التزيين وهو تصيير الشئ زينا ، أى : حسنا والزينة : هى ما فى الشئ من محاسن ترغب الناس فيه .والمعنى : أقسم لك - أيها الرسول الكريم - بذاتى ، لقد أرسلنا رسلا كثيرين إلى أمم كثيرة من قبلك ، فكانت النتيجة أن استحوذ الشيطان على نفوس عامة هؤلاء المرسل اليهم ، حيث زين لهم الأفعال القبيحة ، وقبح لهم الأعمال الحسنة ، وجعلهم يقفون من رسلهم موقف المكذب لأقوالهم ، المعرض عن إرشاداتهم ، المحارب لدعوتهم .وقوله - سبحانه - : ( فَهُوَ وَلِيُّهُمُ اليوم وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) بيان لسوء عاقبة هؤلاء الذين زين لهم الشيطان سوء أعمالهم فرأوه حسنا .قال الإِمام الشوكانى ما ملخصه : " والمراد باليوم فى قوله - تعالى - : ( فَهُوَ وَلِيُّهُمُ اليوم ) يحتمل أن يكون المراد به زمان الدنيا - أى مدة أيام الدنيا - فيكون المعنى : فهو قرينهم فى الدنيا . ويحتمل أن يكون اليوم عبارة عن يوم القيامة وما بعده . فيكون للحال الآتية . ويكون الولى بمعنى الناصر . والمراد نفى الناصر عنهم بأبلغ الوجوه ، لأن الشيطان لا يتصور منه النصرة أصلا فى الآخرة .ويحتمل أن يكون المراد باليوم بعض زمان الدنيا ، وهو على وجهين : الأول أن يراد البعض الذى مضى ، وهو الذى وقع فيه التزيين للأمم الماضية من الشيطان ، فيكون على طريق الحكاية للحال الماضية . . الثانى : أن يراد البعض الحاضر ، وهو وقت نزول الآية . والمراد تزيين الشيطان لكفار قريش أعمالهم ، فيكون الضمير فى ( وليهم ) لكفار فريش . فيكون المعنى : فهو ولى هؤلاء المشركين اليوم أى : معينهم على الكفر والمعاصى لهم ولأمثالهم عذاب أليم فى الآخرة " .