ثم حض - سبحانه - عباده على التفكر فى مظاهر قدرته فقال - تعالى - : ( أَلَمْ يَرَوْاْ إلى الطير مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السمآء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الله .. ) .والطير : جمع طائر كركب وراكب . و ( مسخرات ) من التسخير بمعنى التذليل والانقياد أى : ألم ينظر هؤلاء الذين أشركوا مع الله آلهة أخرى فى العبادة ، إلى الطيور وهن يسبحن فى الهواء المتباعد بين الأرض والسماء ، ما يمسكهن فى حال قبضهن وبسطهن لأجنحتهن إلا الله - تعالى - ، بقدرته الباهرة ، وبنواميسه التى أودعها فى فطرة الطير .إنهم لو نظروا نظر تأمل وتعقل ، لعلموا أن المسخر لهن هو الله الذى لا معبود بحق سواه وفى قوله - تعالى - ( مسخرات ) إشارة إلى أن طيرانها فى الجو ليس بمقتضى طبعها ، وإنما هو بتسخير الله تعالى لها وبسبب ما أوجد لها من حواس ساعدتها على ذلك ، كالأجنحة وغيرها . وأضاف - سبحانه - الجو إلى السماء لارتفاعه عن الأرض ، ولإظهار كمال قدرته - سبحانه - .ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بقوله : ( إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) .أى : إن فى ذلك التسخير والتذليل للطير على هذه الصفة ( لآيات ) بينات على قدرة الله - تعالى - ووحدانيته ، ( لقوم يؤمنون ) بالحق ، ويفتحون قلوبهم له ويسمون بأنفسهم عن التقليد الباطل .