قال القرطبى : " قوله - تعالى - : ( لاَّ يَمْلِكُونَ الشفاعة ) أى : هؤلاء الكفار لا يملكون الشفاعة لأحد ( إِلاَّ مَنِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً ) وهم المسلمون فيملكونها ، فهو استثناء الشىء من غير جنسه . أى : لكن من اتخذ عند الرحمن عهداً يشفع ، فمن فى موضع نصب على هذا . . . ويرى آخرون أن الضمير فى قوله : ( لاَّ يَمْلِكُونَ . . . ) يعود إلى فريقى المتقين والمجرمين .أى : لا يملك أحد من الفريقين يوم القيامة الشفاعة لأحد ، ولا يملك غيرهم الشفاعة لهم ، ( إِلاَّ مَنِ اتخذ ) منهم ( عِندَ الرحمن عَهْداً ) وهم المؤمنون فإنهم يملكون بإذن الله لهم .والمراد بالعهد الأمر والإذن ، يقال : عهد الأمير إلى فلان بكذا ، إذا أمره به . أو أذن له فى فعله .وعلى هذا يكون الاستثناء متصلاً ، ويكون لفظ ( مَنِ ) بدل من الواو فى ( يَمْلِكُونَ ) .قال الآلوسى ما ملخصه : " قوله ( لاَّ يَمْلِكُونَ الشفاعة ) ضمير الجمع يعم المتقين والمجرمين ، أى : العباد مطلقاً . . . . وقوله ( إِلاَّ مَنِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً ) اسثناء متصل . . . . والمعنى : لا يملك العباد أن يشفعوا لغيرهم ، إلا من اتصف منهم بما يستأهل معه أن يشفع وهو المراد بالعهد . . . " .ويبدو لنا أن هذا القول أولى ، لشموله وعمومه إذ الكلام السابق فى الفريقين جميعاً ، فريق المتقين وفريق المجرمين .