أى : ظهرت له نار من جانب الجبل الذى هناك عن يمينه ، فقال لأهله يبشرهم : ( . . امكثوا إني آنَسْتُ نَاراً لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ ) أى : شهاب من نار . .والاستفهام فى قوله - سبحانه - : ( وَهَلْ أَتَاكَ . . . ) لتقرير الخبر وتثبيته ، وهذا أبلغ عن مجيئه بصورة الخبر المجرد . لأن فى الاستفهام التقريرى تطلع واشتياق لمعرفة الخبر .والجملة الكريمة مستأنفة لتأكيد ما سبق الحديث عنه من وحدانية الله - تعالى - ولتسلية الرسول - صلى الله عليه وسلم - عما اصابه من قومه . ببيان جانب من جهاد أخيه موسى - عليه السلام - .والمعنى : لقد أتاك - أيها الرسول الكريم - خبر أخيك موسى ، وقت أن رآى نارا وهو عائد ليلا من مدين إلى مصر ( فَقَالَ لأَهْلِهِ ) أى لامرأته ومن معها ( امكثوا ) أى : أقيموا فى مكانكم ولا تبرحوه حتى أعود إليكم .وجملة ( إني آنَسْتُ نَاراً ) تعليل الأمر بالمكوث ، وآنست من الإيناس بمعنى الإبصار الواضح الجلى . أى : إنى أبصرت إبصارا بينا لا شبهة فيه نارا على مقربة منى ، فامكثوا فى أماكنكم ( لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ ) .والقبس : الشعلى التى تؤخذ من النار فى طرف عود أو نحوه . ووزنه فعل - بفتح العين - بمعنى مفعول أى : لعلى آتيكم من هذه النار بشعلة مقتبسة منها ، ومأخوذة عنها .وقوله : ( أَوْ أَجِدُ عَلَى النار هُدًى ) معطوف على ما قبله .أى : امكثوا فى مكانكم حتى أذهب إلى النار التى شاهدتها ، لعلى آتيكم منها بشعلة ، أو أجد عندها هاديا يهدينى إلى الطريق الذى أسلكه لكى أصل إلى المكان الذى أريده .فقوله ( هُدًى ) مصدر بمعنى اسم الفاعل أى : هاديا .وقد دلت آية أخرى على أن موسى قد ذهب إلى النار ليأتى منها بما يدفىء أهله من البرد .وهذه الآية هى قوله - تعالى - : ( فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطور نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ امكثوا إني آنَسْتُ نَاراً لعلي آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النار لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ )