وقوله - تعالى - : ( ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً ) معطوف - أيضا - على " مد " وداخل فى حكمه .والقبض : ضد المد والبسط ، واليسير : السهل الذى لا عسر فيه .أى : ثم قبضنا ذلك الظل المدود بقدرتنا وحكمتنا - قبضا يسيرا وهينا علينا .بأن محوناه بالتدريج عند إيقاعنا الشمس عليه . حتى انتهى أمره إلى الزوال والاضمحلال .وقال - سبحانه - : ( إِلَيْنَا ) للتنصيص على أن مد الظل وقبضه مرجعه إليه - تعالى - وحده . فليس فى إمكان أحد سواه - عز وجل - أن يفعل ذلك .قال صاحب الكشاف : قوله : ( ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً ) أى : على مهل . وفى هذا القبض اليسير شيئا بعد شىء من النمافع مالا يعد ولا يحصر . ولو قبض دفعة واحدة لتعطلت أكثر مرافق الناس بالظل والشمس جميعا .فإن قلت : " ثم " فى هذين الموضعين كيف موقعها؟ قلت : موقعها لبيان تفاضل الأمور الثلاثة : كان الثانى أعظم من الأول ، والثالث أعظم منهما ، تشبيها لتباعد ما بينهما فى الفضل ، بتباعد ما بين الحوادث فى الوقت . . . ويحتمل أن يريد قبضه عند قيام الساعة بقبض أسبابه وهى الأجرام التى تبقى الظل ، فيكون قد ذكر إعدامه بإعدام أسبابه .