ثم أضافوا إلى قولهم هذا قولا آخر لا يقل عن سابقه فى الغرور وانطماس البصيرة فقالوا : ( إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الأولين ) أى : ما هذا الذى تنهانا عنه من التطاول فى البنيان ، ومن اتخاذ المصانع . . إلا خلق آبائنا الأولين ، ومنهجهم فى الحياة ، ونحن على آثارهم نسير وعلى منهجهم نمشى .قال القرطبى ما ملخصه : قرأ أكثر القراء ( إِلاَّ خُلُقُ الأولين ) - بضم الخاء واللام - أى : عادتهم ودينهم ومذهبهم وما جرى عليه أمرهم . . .وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائى إلا خلق الأولين - بفتح الخاء وإسكان اللام - أى : ما هذا الذى جئتنا به يا هود إلا اختلاق الأولين وكذبهم ، والعرب تقول : حدثنا فلان بأحاديث الخلق ، أى : بالخرافات والأحاديث المفتعلة .وعلى كلتا القراءاتين فالآية الكريمة تصور ما كانوا عليه من تحجر وجهالة تصويرا بليغا .