ثم زاد - سبحانه - هذه القضية وتوضيحا وتبيينا فقال : ( وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بالتي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زلفى ) .الزلفى : مصدر كالقربى ، وانتصابه على المصدرية من معنى العامل . أى ليست كثرة أموالكم ، ولا كثرة أولادكم بالتى من شأنها أن تقربكم إلينا قربى ، لأن هذه الكثرة ليست دليل محبة منا لكم ، ولا تكريم منالكم ، وإنما الذى يقربكم منا هو الإِيمان والعمل الصالح .كما وضح - سبحانه - هذه الحقيقة فى قوله بعد ذلك : ( إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فأولئك لَهُمْ جَزَآءُ الضعف بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ فِي الغرفات آمِنُونَ ) .أى : ليس الأمر كما زعمتم - أيها المترفون - من أن كثرة الأموال والأولاد ستنجيكم من العذاب ، ولكن الحق والصدق أن الذى ينجيكم من ذلك ويقربكم منا ، هو الإِيمان والعمل الصالح . فهلاء الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحة لهم عند الله - تعالى - الجزاء الحسن المضاعف ، وهم فى غرفات الجنات آمنون مطمئنون .قال الشوكانى ما ملخصه : قوله : ( إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ) هو استثناء منقطع فيكون محله النصب . أى : لكن من آمن وعمل صالحا . . . والإِشارة بقوله : ( فأولئك ) إلى ( مَنْ ) والجمع باعتبار المعنى . وهو مبتدأ . وخبره ( لَهُمْ جَزَآءُ الضعف ) أى : فأولئك يجازيهم الله الضعف ، وهو من إضافة المصدر إلى المفعول . أو فأولئك لهم الجزاء المضاعف فيكون من إضافة الموصوف إلى الصفة . .