وقوله - سبحانه - : ( قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ ) تأكيد وتقرير لتلك الحقيقة التى سبق الحديث عنها ، وهى أن التوسع والتضييق فى الرزق بيد الله - تعالى - وحده .والضمير فى قوله - تعالى - ( لَهُ ) يعود إلى الشخص الموسع عليه أو المضيق عليه فى رزقه . أى : قل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء المترفين على سبيل التأكيد وإزالة ما هم عليه من جهل : إن ربى - عز وجل - يبسط الرزق لمن يشاء من عابده ، ويضيق هذا الرزق على ما يشاء أن يضيقه منهم ، وليس فى ذلك ما يدل على السعادة أو الشقاوة ، لأن هذه الأمور خاضعة لحكمته فى خلقه - سبحانه - .( وَمَآ أَنفَقْتُمْ ) أيها المؤمنون ( مِّن شَيْءٍ ) فى سبيل الله - تعالى - وفى أوجه طاعته ( فَهُوَ ) - سبحانه - ( يُخْلِفُهُ ) أى : يعوضه لكم بما هو خير منه . يقال : فلان أخلق لفلان وأخلف عليه ، إذا أعطاه العوض والبدل .( وَهُوَ خَيْرُ الرازقين ) أى : وهو - سبحانه - خير رازق لعباده لأن كل رزق يصل إلى الناس إنما هو بتقديره وإرادته ، وقد جرت سنته - سبحانه - أن يزيد الأسخياء من فضله وكرمه .وفى الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من يوم يصبح العباد فيه ، إلا ملكان ينزلان ، فيقول احدهما : اللهم اعظ منفقا خلفا ويقول الآخر : اللهم أعظ ممسكا تلفا " .وبذلك نرى الآيات الكريمة قد حكت جانبا من شبهات المشركين ، ومن أقوالهم الباطلة ، وردت عليهم بما يزهق باطلهم ، ويمحو شبهاتهم ، لكى يزداد المؤمنون إيمانا على إيمانهم .