ثم بين - سبحانه - حال أولئك المشركين يوم القيامة ، وكيف أن الملائكة يكذبونهم فى مزاعمهم ، فقال - تعالى - : ( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً . . . . كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ) .أى : واذكر - أيها العاقل - لتعتبر وتتعظ ( يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ) أى : يجمع الله - سبحانه - الكافرين جميعا . الذين استضعفوا فى الدنيا والذين استكبروا .( ثُمَّ يَقُولُ ) - عز وجل - ( لِلْمَلاَئِكَةِ ) على سبيل التبكيت والتقريع للمشركين ( أهؤلاء ) الكافرون ( إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ) أى : أهؤلاء كانوا يبعدونكم فى الدنيا . وأنتم رضيتم بذلك .و ( هؤلاء ) مبتدأ ، وخبره ( كَانُواْ يَعْبُدُونَ ) و ( إِيَّاكُمْ ) مفعول يعبدون .وتخصيص الملائكة بالخطاب مع أن من الكفار من كان يعبد الأصنام ، ومن كان يعبد غيرها ، لأن المقصود من الخطاب حكاية ما يقوله الملائكة فى الرد عليهم .قال صاحب الكشاف : هذا الكلام خطاب للملائكة . وتقريع للكفار وارد على المثل السائر : إياك أعنى واسمعى يا جارة ، ونحوه قوله - تعالى - لعيسى : ( أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلهين مِن دُونِ الله ) وقد علم - سبحانه - كون الملائكة وعيسى ، منزهين برآه مما وجه عليهم من السؤال ، والغرض أن يقول ويوقلوا ، ويسأل وجيبوا ، فيكون التقريع للمشركين أشد ، والتعبير أبلغ ، وهوانهم ألزم .