وقوله - تعالى - : ( لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر وَلاَ الليل سَابِقُ النهار وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) بيان لدقة نظامه - سبحانه - فى كونه ، وأن هذا الكون الهائل يسير بترتيب فى أسمى درجات الدقة ، وحسن التنظيم .أى : لا يصح ولا يتأتى للشمس أن تدرك القمر فى مسيره فتجتمع معه بالليل .وكذلك لا يصح ولا يتأتى لليل أن يسبق النهار ، بأنه يزاحمه فى محله أو وقته ، وإنما كل واحد من الشمس والقمر ، والليل والنهار ، يسير ، فى هذا الكون بنظام بديع قدره الله - تعالى - له ، بحيث لا يسبق غيره ، أو يزاحمه فى سيره .قال الإِمام ابن كثير : قوله - تعالى - : ( لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر ) قال مجاهد : لكل منهما حد لا يعدوه ، ولا يقَصُر دونه ، إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا ، وإذا ذهب سلطان هذا جاء سلطان هذا . .وقال عكرمة : يعنى أن لكل منهما سلطانا فلا ينبغى للشمس أن تطلع بالليل .وقوله : ( وَلاَ الليل سَابِقُ النهار ) يقول : لا ينبغى إذا كان الليل أن يكون ليل آخر ، حتى يكون النهار . .وقوله - تعالى - : ( وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) التنوين فى " كل " عوض عن المضاف إليه . .قال الآلوسى : والفلك : مجرى الكواكب ، سمى بذلك لاستدارته ، كفلكة المغزل ، وهى الخشبة المستديرة فى وسطه ، وفلكه الخيمة ، وهى الخشبة المستديرة التى توضع على رأس العمود لئلا تتمزق الخيمة .أى : وكل من الشمس والقمر ، والليل والنهار ، فى أدزاء هذا الكون يسيرون بانبساط وسهولة ، لأن قدرة الله - تعالى - تمنعهم من التصادم أو التزاحم أو الاضطراب .