وقوله - سبحانه - ( وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ ) استئناف مسوق لتأكيد النهى عن طاعة الشيطان ، ولتشديد التوبيخ لمن اتبع خطواته ." وجبلا كثيرا " بمعنى : خلقا كثيرا حتى إنهم لكثرتهم كالجبل العظيم .ولفظ " جِبِلاًّ " قرأه نافع وعاصم - بكسر الجيم والباء ، وقرأه ابن كثير وحمزة والكسائى ( جِبِلاًّ ) بضم الجيم وتسكين الباء مع تخفيف اللام وجيمع القراءات بمعنى واحد .أى : ولقد أغوى الشيطان منكم يا بنى آدم خلقا كثيرا ، فهل عقلتم ذلك ، واتعظتم بما فعله مع كثير من أبناء جنسكم ، وأخلصتم لنا العبادة والطاعة ، واتخذتم الشيطان عدوا لكم كما صرح بعداوتكم . وبالعمل على إغوائكم .قال - تعالى - : ( إِنَّ الشيطان لَكُمْ عَدُوٌّ فاتخذوه عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ السعير ) وقال - سبحانه - حكاية عنه . ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين ).