وبعد هذه التسلية من الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم بين - سبحانه - لهؤلاء الذين إذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوبهم . . بين لهم ما لهم من سوء المصير فقال : ( وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا فِي الأرض جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ مِن سواء العذاب يَوْمَ القيامة . . ) .أى : أن العذاب المعد لهؤلاء المشركين شئ رهيب ، ولو أن لهم جميع ما أعد فى الأرض من خيرات ، ولهم - أيضا - مثل ذلك منضما إليه ، لقدموه فداء لأنفسهم ، ألما فى النجاة من سوء العذاب الذى ينتظرهم يوم القيامة .فالآية الكريمة وعيد لهم ليس بعده وعيد ، وتيئيس لهم من النجاة ليس بعده تيئيس .ومن الآيات الكثيرة التى وردت فى هذا المعنى قوله - تعالى - ( إِنَّ الذين كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي الأرض جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ القيامة مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النار وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ )ثم هددهم - سبحانه - بتهديد آخر فقال : ( وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ الله مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ ) .أى : وظهر لهم يوم القيامة من ألوان العقوبات ، ومن فنون الآلام ، ما لم يكونوا فى الدنيا يظنون أنه سيقع بهم ، وما لم يكن واردا فى حسبانهم .قال صاحب الكشاف : وقوله - تعالى - ( وَبَدَا لَهُمْ مِّنَ الله . . . ) وعيد لهم بعذاب مادروا كنهه لفظاعته وشدته ، وهو نظير قوله - تعالى - فى الوعد : ( فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ . . ) والمعنى : وظهر من سخط الله وعذابه ، ما لم يكن قط فى حسابهم ، وما لم يحدثوا به أنفسهم .وقيل : عملوا أعمالا حسبوها حسنات ، فإذا هى سيئات .وعن سفيان الثورى أنه قرأها فقال : ويل . لأهل الرياء . ويل لأهل الرياء .وجزع بعض الصالحين عند موته ، فسئل عن سبب ذلك فقال : أخشى أن يبدو لى من الله ما لم أحتسبه ، ثم قرأ هذه الآية .