ثم حض - سبحانه - نبيه - صلى الله عليه وسلم - على المضى فى دعوته فقال : ( فَلِذَلِكَ فادع ) .واسم الإِشارة يعود إلى ما سبق الحديث عنه من ذم التفرق ، ومن الأمر بإقامة الدين ، أى : فلأجل ما أمرناك به من دعوة الناس إلى إقامة الدين وإلى النهى عن الاختلاف والتفرق ، من أجل ذلك فادع الناس إلى الحق الذى بعثناك به ، وإلى جمعهم على كلمة التوحيد ، التى تجعلهم يعيشون حياتهم آمنين مطمئنين .( واستقم كَمَآ أُمِرْتَ ) أى : واستقم على الصراط الذى كلفناك بالسير على نهجه . والزم المنهج القويم الذى أمرناك بالتزامه .( وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ ) أى : ولا تتبع شيئا من أهواء هؤلاء الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا .( وَقُلْ ) لهم بكل ثبات وقوة ( آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ الله مِن كِتَابٍ ) أى : آمنت بكل ما أنزله - تعالى - من كتب سماوية ، فالمراد بالكتاب : جنسه .( وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ) أى : وأمرنى ربى أن أعدل بينكم فى الحكم عند رفع قضاياكم إلىّ ، فإن العدل شريعة الله تعالى .( الله رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ) أى : الله - تعالى - وحده هو الخالق لنا ولكم ، وهو المنعم علينا وعليكم بالنعم التى لا تحصى .( لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ) أى : لنا أعمالنا التى سيحاسبنا الله عليها يوم القيامة ، ولكم أنتم أعمالكم التى ستحاسبون عليها ، فنحن لا نسأل عن أعمالكم وأنتم لا تسألون عن أعمالنا .( لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ) أى : لا احتجاج ولا خصومة بيننا وبينكم ، لأن الحق قد ظهر ، فلم يبق للجدال أو الخصام حاجة بيننا وبينكم .( الله يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ المصير ) أى . الله - تعالى - يجمع بيننا وبينكم يوم القيامة ، وإليه وحده ، مصيرنا ومصيركم ، وسيجازى كل فريق منا ومنكم بما يستحقه من جزاء .فأنت ترى أن هذه الآية الكريمة قد اشتملت على عشر جمل ، هذه الجمل الكريمة قد جاءت بأسمى ألوان الدعوة إلى الله - تعالى - بالحكمة والموعظة الحسنة .