ثم يعرض - سبحانه - مشهدا من مشاهد هذا اليوم الهائل الشديد فيقول : ( وترى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ) .وقوله : - سبحانه - من الجثُو وهو الجلوس على الركب بتحفز وترقب وخوف .يقال : جثنا فلان على ركبتيه يجثو جثوا وجثيا ، إذ برك على ركبتيه وأنامله فى حالة تحفز ، كأنه منتظر لما يكرهه .أى : وترى - أيها العاقل - فى هذا اليوم الذى تشيب من هوله الولدان ، كل أمة من الأمم متميزة عن غيرها ، وجاثية على ركبها ، مترقبة لمصيرها فى تلهف وخوف فالجملة الكريمة تصور أهوال هذا اليوم ، وأحوال الناس فيه ، تصويرا بليغاً مؤثرا ، يبعث على الخوف الشديد من هذا اليوم ، وعلى تقديم العمل الصالح الذى ينفع صاحبه ( يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) وقوله ( كُلَّ أُمَّةٍ ) مبتدأ ، وقوله ( تدعى إلى كِتَابِهَا ) خبره .أى : كل أمة تدعى إلى سجل أعمالها الذى أمر الله - تعالى - ملائكته بكتابته لتحاسب عليه .وقوله : ( اليوم تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) مقول لقول مقدر . أى : ويقال لهم جميعا فى هذا الوقت : اليوم تجدون جزاء أعمالكم التى كنتم تعملونها فى الدنيا من خير أو شر . ويقال لهم - أيضا - : ( هذا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بالحق ) .